النهار

٠٤:٥٨ م-٢٨ أغسطس-٢٠٢٥

الكاتب : النهار
التاريخ: ٠٤:٥٨ م-٢٨ أغسطس-٢٠٢٥       34485

بقلم: غازي العوني

أستغرب وأتعجب ذكر العماليق في رواية نتنياهو المتكررة في تحريفه للحقيقة، حين حرف المعنى عن مكانه في التوارة. وأستغرب وأتعجب من له عقل حين يصدق ذلك، حين يقول إنها حرب منذ ثلاث آلاف سنه، بمعنى أصح من العصر الحجري، بينما هم يتحدثون عن الاتفاقيات الإبراهيمية ويكذبون أنفسهم بتجاهلهم للحقيقة والواقع.

فكل هذه الرواية لا تنطبق على العصر المعاصر، فلقد كانوا العماليق أعداء الإيمان الذين لا ينتسبون إلى أبناء إبراهيم عليه السلام، ولا ينتسبون إلى من قبلهم من المؤمنين الذين يخالفونهم بكل شيء، فلقد أهلكهم الله بشر أعمالهم في التوارة والإنجيل والقرآن.

فلقد وعد الله وحقق وعده بأن أورثها عباده المؤمنين منذ القدم وعاشوا بها ولم يغادروها، فلقد كانوا يهود ونصارى ومسلمين وغيرهم من موحدين بذلك الزمن هم ورثة الأرض التي وعد الله، ولم يكن بينهم من العماليق أحد. ولكن تبقى فكر العماليق في أفعالكم أنتم التي تتشابه مع من يعادون كل حقيقة.

فكيف يتشابه مستضعفون في الأرض تقتلهم بالليل والنهار وتحاصرهم وتجوعهم وتهجرهم بأنهم عماليق؟ فلو وجدوا العماليق كما قلت لقلت كما قال سلفكم، ولم تجرؤوا على محاربتهم. فلقد اصطفى الله المؤمنون بذلك العصر من يقاتلون هؤلاء الأشرار، ولكن أنتم الآن تقاتلون من سكنوها بالإيمان وليس الكفر، وليسوا هم كما قلتم.

فلقد أبدل الله قوماً بقوم يحملون راية الإيمان من نصارى ومسلمين، جعلوكم بينهم بكل الديار حين أغضبتم ربكم وحكم عليكم بالشتات، وبقيتم مع آل إبراهيم أينما حللتم. ولكنكم الآن تقاتلوهم بكل مكان، فهل هذا هو جزاء الإحسان؟ أو أنتم أصبحتم كما هم عملاقة آخر الزمان؟

فلن أطيل أكثر بالقول، فلله الأمر من قبل وبعد، ثم مما تبقى من يحملون التوراة والإنجيل والقرآن الذين يتبرأون من أفعالكم التي فاقت كل إجرام، فلن يفترقون كما كانوا باقون يحافظون على حقوق الجميع من إرث عظيم، وسيبقون كما وعد الله ولن يتغيرون كما تريدون.

فلستم من يمثل كل اليهود، وليسوا هم من يمثلون غير ما كان عليه أهل الدين الحنيف الذين هم باقون إلى يوم الدين. فما يحتاج الحكماء منهم بهذا العصر مجمع حكمة ورحمة بين كل الجميع منهم في تلك الأرض المباركة، مما هم يعقلون ما يقولون ويحافظون على تلك الأرض من فهم المتطرفين، كما كانوا هم من قبل، فلا يضطهدون أهل معبد وكنيسة ومسجد.

فقد يختلفون في مفاهيم ولكن لن يختلفون بأنها أرض ستبقى لمن يؤمن بحقوق الجميع، من يحملون شرائع لم تكن من تعاليم عملايق بل من تعاليم ربانية، من أجل أن تبقى الحكمة والرحمة دستور.

فما يجب عليهم جميعاً أن يفقهونكم ما جاء بالكتب السماوية بأن من يقتل نفس كما قتل الناس أجمعين، فهذا ما عليه كل المؤمنين من الأولين والآخرين. فلقد أنزلت الكتب من أجل الحياة، فما تفعلونه بمفاهيمكم هو فعل كل التطرف، وأكبر فساد على الأرض هو سفك الدماء واضطهاد البشر وتحريف كل الحقيقة.