

منى يوسف حمدان الغامدي
بقلم: منى يوسف الغامدي
حين نتحدث عن نسبة الذكاء (IQ) لأشخاص مثل ألبرت اينشتاين وإيلون ماسك أذكى من صنفوا بأنهم بلغوا أعلى مقاييس للذكاء البشري؛ حيث يعتقد أن أينشتين نسبة ذكائه كانت حوالي (160)؛ وماسك يقدر أن نسبة ذكائه تتراوح بين 155 و160، وإذا أردنا أن نقارنها بنسبة الذكاء الاصطناعي فلا يمكن قياسها بنفس الطريقة، ولكن يمكن القول بأنه يتفوق في أداء مهام معينة مثل(تحليل البيانات أو حل المشكلات المعقدة) بشكل يفوق البشر، ومن المتوقع في المستقبل القريب بأن تتطور قدرات الذكاء الاصطناعي وخاصة في مجال التعلم العميق ومعالجة اللغة الطبيعية، وتزداد كفاءته في حل المشكلات المعقدة في مجالات مثل الطب والهندسة والعلوم، ولكنه يفتقر إلى الوعي والشعور العاطفي والتفكير النقدي، وحتى يكون المستقبل مشرقا لابد من الاستعداد من اليوم للتعاون الفاعل بين البشر والذكاء الاصطناعي لتعزيز قدرات كليهما، في بعض السيناريوهات قد يتمكن الذكاء الاصطناعي من تجاوز القدرات البشرية في مجالات محددة بحلول عام 2030 أو 2040 ويصعب تحديد قيمة رقمية لهذا الذكاء.
والسؤال الذي يطرح نفسه اليوم مع إدراج منهج متخصص في الذكاء الاصطناعي في جميع المراحل الدراسية في خطوة تستشرف المستقبل -كما صرح بذلك معالي وزير التعليم - والذي أقرته وزارة التعليم ممثلة في المركز الوطني للمناهج بالتعاون مع وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات ومع الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي- سدايا- مع عام 2025 كيف يتم استثمار قدرات الدماغ البشرية في عمليات التعليم والتعلم مع استخدام تطبيقات وتقنيات الذكاء الاصطناعي وكيف يستعد المعلمون لتقديم هذا المنهج بكفاءة عالية واحترافية مهنية؟.
الدماغ البشري هو أعقد جهاز تحكم في الكون، إذ يمتلك قدرات هائلة على التعلم، التذكر، الإبداع، وحل المشكلات، في مجال التعليم يمكن استثمار هذه القدرات عبر فهم آليات عمل الدماغ وتكييف طرق التدريس بما يتوافق معها، خاصة عند دمج تطبيقات وتقنيات الذكاء الاصطناعي.
أبحاث علم الأعصاب تشير إلى أن الدماغ يتعلم بشكل أفضل عندما يكون محفزاً عاطفياً، يتلقى تغذية راجعة فورية، ويتفاعل مع المعلومات بطرق متعددة الحواس، هنا يأتي دور الذكاء الاصطناعي، الذي يوفر بيئات تعليمية ذكية قادرة على التكيف مع احتياجات كل متعلم، فعلى سبيل المثال، يمكن للأنظمة الذكية تحليل مستوى فهم الطالب، وتقديم محتوى مناسب لقدراته، بل وتغيير أسلوب الشرح أو نوع الأنشطة بناء على استجاباته.
كما يمكن لتقنيات الواقع الافتراضي والمعزز المدعومة بالذكاء الاصطناعي محاكاة مواقف تعليمية تفاعلية، مما ينشط مناطق متعددة في الدماغ ويعزز الفهم العميق. كذلك تسهل تطبيقات التعلم المخصص (Personalized Learning) تتبع تقدم المتعلمين وتحفيزهم عبر أساليب تناسب أنماطهم الدماغية المختلفة.
الذكاء الاصطناعي يتيح للمعلمين تحليل بيانات تعلم الطلاب بشكل دقيق، مما يساعدهم على اتخاذ قرارات تعليمية مبنية على الأدلة، وتقديم دعم فردي فعال، وعندما يدمج ذلك مع فهم مبادئ التعلم العصبي، يصبح التعليم أكثر كفاءة ومتعة.
إن المزج بين فهم آليات الدماغ وتقنيات الذكاء الاصطناعي يمكننا من تصميم تجارب تعليمية ذكية تراعي الفروق الفردية، تعزز الدافعية، وتضاعف فرص النجاح الأكاديمي، فالدماغ هو الأساس، والتقنية هي الأداة التي تضاعف إمكاناته.
المهم أن يواكب المعلم اليوم مستجدات العصر ويعمل على تطوير قدراته وتنويع الاستراتيجيات التعليمية في عمليات التعليم والتعلم والاستفادة من الثورة العلمية الفائقة في تطبيقات الذكاء الاصطناعي والتركيز على تربية جيل ملتزم بالأخلاقيات والقيم التي لا تتجاوز حدوداً ولا تؤذي أحداً؛ وتكون وسيلة فاعلة في بناء حضارة إنسانية تحمل قيماً رفيعة .
همسة في أذن كل معلم ومعلمة أنتم من تقومون بأعظم رسالة بشرية يقع على عاتقكم مسؤولية عظيمة؛ عليكم بالتسلح بأدوات العصر ولا تتركوا فرصة تتيحها لكم القيادة الرشيدة اليوم من برامج ابتعاث؛ وتنمية للقدرات البشرية ؛والحصول على برامج تدريبية متخصصة في مجال الذكاء الاصطناعي؛ وكم هي تجربة -سدايا- عظيمة في استهداف مليون سعودي وسعودية في برامج متخصصة عبر منصاتهم الرسمية وبشهادات معتمدة، على المستوى الشخصي عدت طالبة على مقاعد الدراسة من جديد واستثمرت وقت الإجازة لسبر عالم الذكاء الاصطناعي وراق لي كثيرا وأنا أفكر كيف استخدمه في مجال عملي وفي حياتي الشخصية وكيف أستطيع التواصل مع جيل المستقبل باللغة التي تستهويهم وتستحوذ على تفكيرهم، فاللهم علما نافعاً انتفع به وأخدم به وطني.

