النهار

٠٢:٣٠ م-١٣ سبتمبر-٢٠٢٥

الكاتب : النهار
التاريخ: ٠٢:٣٠ م-١٣ سبتمبر-٢٠٢٥       22110

بقلم: عبدالله الكناني 

مواقف المملكة العربية  السعودية  تجاه القضية الفلسطينية لم تكن يومًا مواقف عابرة أو مرتبطة بظرف سياسي، بل كانت وما زالت جزءًا أصيلًا من ثوابتها الوطنية والعربية والإسلامية. 

ففي ظل عالم يموج بالأزمات وتتنازعه موازين القوى، تواصل الرياض أداء دورها المحوري في إعادة الاعتبار لشرعية النظام الدولي، من خلال الدفاع عن القضية الفلسطينية باعتبارها قضية إنسانية وعدلية لا يمكن تأجيلها أو اختزالها.

 

لقد جاء قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بالأمس، الذي أقرّ بأغلبية عظمى الاعتراف بحق الفلسطينيين في دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، تتويجًا لجهود سياسية ودبلوماسية قادتها المملكة بشراكة مع فرنسا، وبدعم عربي وإسلامي واسع. 

وكان لهذا القرار أثر بالغ في إعادة تشكيل المشهد السياسي الدولي، حيث أكد أن الموقف السعودي لم يعد مجرد دعم سياسي أو مالي للقضية الفلسطينية، بل تحول إلى صناعة قرار أممي يحظى بتأييد غالبية دول العالم. 

هذا الحضور الدولي المتنامي يستند إلى توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، الذي ظل ثابتًا على موقف المملكة التاريخي تجاه فلسطين، مؤكدًا في كل المحافل أن القضية الفلسطينية هي القضية المركزية الأولى للعرب والمسلمين، وأن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية هو الخيار الذي لا بديل عنه. 

خطابات الملك سلمان-يحفظه الله- الموجهة إلى الأمم المتحدة والقمم العربية والإسلامية، لم تكن مجرد مواقف رسمية، بل كانت تعبيرًا عن التزام أخلاقي وسياسي جعل من المملكة صوتًا صادقًا للعدالة الدولية.

وفي ظل هذه التوجيهات، مضى سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بخطى واثقة لترجمة الموقف السعودي إلى فعل سياسي مؤثر، عبر بناء التفاهمات الدولية وصياغة التحالفات التي تعيد للقضية الفلسطينية زخمها على الساحة العالمية. 

وقد تحرك وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان في جولات دبلوماسية متواصلة بين العواصم الكبرى، ناقلًا الرؤية  السعودية  الواضحة، ومؤكدًا أن حل الدولتين هو المدخل الحقيقي لاستقرار المنطقة والعالم. هذه الجهود لم تكن مجرد اتصالات دبلوماسية، بل كانت إدارة سياسية متكاملة دفعت الأمم المتحدة إلى اتخاذ موقف حاسم بأغلبية ساحقة. 

إن ما يميز الدور السعودي هو أنه لم ينطلق من مصالح ضيقة أو حسابات ظرفية، بل من رؤية استراتيجية تعتبر أن استقرار الشرق الأوسط لا يمكن أن يتحقق ما لم ينل الشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة. 

ولهذا، نجحت المملكة في تحويل دعمها السياسي إلى قوة دفع دولية، عززتها مكانتها الاقتصادية وموقعها الجغرافي ومرجعيتها الدينية في العالمين العربي والإسلامي. 

ومن هنا، يصبح الاعتراف بفلسطين ليس فقط انتصارًا للشعب الفلسطيني، بل انتصارًا لمبدأ العدالة الذي طالما نادت به المملكة منذ تأسيسها.

إن ما تحقق في أروقة الجمعية العامة للأمم المتحدة يمثل لحظة فارقة، ليس في تاريخ فلسطين فحسب، بل في تاريخ النظام الدولي ذاته. 

فقد أثبتت  السعودية  أن النفوذ الحقيقي لا يُقاس بسطوة السلاح أو بسطوة الاقتصاد فقط، بل بقدرة الدول على توجيه العالم نحو العدالة وصناعة التوافقات الكبرى.

 وغدًا، حين تُرفع راية الدولة الفلسطينية المستقلة، سيبقى للمملكة العربية  السعودية  شرف الريادة في تحويل هذا الحلم إلى واقع، بفضل قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وجهود سمو  ولي عهده الأمير محمد بن سلمان، ودبلوماسية سعودية أثبتت أنها صانعة للتاريخ وليست مجرد شاهدة عليه.