إيمان حماد الحماد

٠٣:١٤ م-١٠ أغسطس-٢٠٢٥

الكاتب : إيمان حماد الحماد
التاريخ: ٠٣:١٤ م-١٠ أغسطس-٢٠٢٥       9845

بقلم- د. إيمان حماد الحماد "بنت النور"

ليتنا نملكُ في أعماقنا حقّ الإعادة…

حقّ أن نُعيدَ ما كان جميلاً، قبل أن تبتلعه فوضى الأيام، ويبتعد في زوايا الذاكرة كمشهدٍ باهت، لا يعود.

أن نعيدَ ضحكةً سالت من العين قبل الفم،

وشعورًا لم نَسْتَوْعِبه إلا بعدما تَسَرّب،

ولقاءً كان كالحلم، واستيقظنا قبل أن نُكمله.

أن نعيد زمانًا طوى كل شيء ولم يُبْقِ لنا سوى الأثر.

ليتنا نُمنحُ هذا الامتياز العاطفي، أن نضغطَ على قلب اللحظة، فنُعيدها، نُكرّرها، نُطيلُ بقاءها كما نُطيل النظر في أعين من نحبّ.

أحيانًا، نشتاق لا لشيءٍ بعينه، بل لإحساسٍ بعينه...

شعورٌ تسلّل من بين أيدينا كما يتسلّل النسيم من نافذةٍ مفتوحة… لا نستطيع القبض عليه، ولا نملك إلا أن نُحَنّ إليه.

ليتنا نملك حقّ الإعادة…

فنُعيد تلك النظرة الأولى، واللمسة الأولى، والضحكة التي سبقت الخيبة…

نُعيد أنفسنا حين كنا أنقى، حين كان الحُزنُ غريبًا، والفرحُ مقيمًا.

يا ليتَ لنا أن نعيد براءة الطفولة حين كان الخوف بسيطًا، والهمّ مؤجلًا، والبكاء يأتي سريعًا ويرحل سريعًا.

حين كنا نبكي لأن لعبتنا تكسرّت، لا لأن أرواحنا تحطمت.

يا ليتنا نعيد كبرياء الشباب حين كنا نظن أننا نملك الدنيا، وأنّ الوقت لنا، لا علينا.

وحين كنّا نرى العمرَ طويلًا، واللحظةَ مضمونة.

لكن الحياة تمضي بلا استئذان، والزمن لا يُعيدُ أوراقه،

ولا يعيد ترتيب اللحظات كما نشتهي.

لو كان بوسعنا إعادة الحياة،

لكتبنا للدهرِ أمرًا بالتوقّف…

لجعلنا الأيام تُقيم في حضن لحظة نحبّها،

لبقينا صغارًا، كبارًا:

صغارًا ببراءةٍ لا تخون،

وكبارًا بحكمةٍ لا تخيب.

لكنّ الدهر لا يمنح "إعادة"،

بل يمنح ذكرى،

ويترك لنا أن نحفظها، أو نضيع معها…

فيا قلب: لا تطلب إعادةَ ما فات،

بل كن وفيًّا لما بَقِي،

وكن حكيمًا حين تختار اللحظة القادمة،

فقد تكون…

هي كلّ ما تستطيع إعادته لاحقًا في الذاكرة،

لا في الواقع.

لو كان يُهدى للزمانِ ودادنـا

لنسجتُ من لحظاتِنا نَفَحاتِ

لكنّهُ يمضي كحُلمٍ عابرٍ

يبكي به قلبي على ما فاتِ