إيمان حماد الحماد

٠٢:٣٢ م-١٩ يوليو-٢٠٢٥

الكاتب : إيمان حماد الحماد
التاريخ: ٠٢:٣٢ م-١٩ يوليو-٢٠٢٥       7590

بقلم- د. إيمان حماد الحماد

هو الصباح الوردي، الذي تترد به صباحات النور، بعد صباحات الخير التي تجوب بين الناس وعلى الألسن تدور، ويجيب عليها الجميع بكل حب وسرور..

فما أروع الصباح حين يُولد من رحم السكون، خاليًا من صخب المواعيد، وخنقة الالتزامات، وهمسات القلق المتواصلة! صباحٌ لا توقظه منامه منبّهاتٌ مشروخة، ولا تنغّص صفوه رسائلٌ متعبة، ولا تُفسِد نقاءه هواجسُ السعي واللحاق.

صباحٌ يتنفس كزهرة في حضن الندى، يبتسم كطفل لا يعرف الحزن ولا يحمل على كاهله شيئًا من غبار الأيام. يهمس للروح: "طمئني، فأنتِ اليوم في حضرة الهدوء، وفي ضيافة السلام".

إنه صباحُ الكُتب المفتوحة على حوافّ التأمل، والأكواب المترعة بمذاق الرضا، والقلوب التي تُصغي لهمسها قبل أن تُصغي لجلبة العالم، لا مستعجلات، لا واجبات، لا طرقٌ مزدحمة ولا مهام متكدسة.

في هذا الصباح، كل شيء يمرّ على مهل؛ الضوء يتسلل برفق، النسيم يُداعب الستائر بلا استعجال، حتى القهوة تفوح بوقارٍ لا يعرف العجلة، كأنها تُرتّل طقوسها في محراب المتعة.

تتنفس الأرض حين تُغلق فيها نوافذ التوتر، وتنبض القلوب حين تسكت ساعة المطاردة، لا شيء يُضاهي نعمة أن تُغنيك اللحظة عن التفكير بما بعدها، وأن تُنصت لأصوات الحياة الصغيرة التي غمرها صخب الأيام.

صباحٌ بلا ضغوط، هو دعاء مُجاب، وهواء نقي، وزمنٌ يشبه الشعر حين يُقال بصدقٍ وهدوء، هو لحظة نادرة، تُخلّد في الذاكرة كابتسامة عابرة، لكنها تعيد ترتيب الفوضى في داخلنا، وتعيدُ لقلوبنا توازنها المُنهك.

فيا صباحًا من دون ضجيج.. يا نزهةً للنفس، ويا غيمةً محمّلة بالطمأنينة.. دُمْ قريبًا، دُمْ كثيرًا، دُمْ كلّما ضاقت بنا الأرض بما رحُبت، وكن كما الأنوار بالأفق امتدت ، والسماء للنجوم اتسعت، وأضئ بالأرواح النقية التي التقت بودّ، وتفرقت به ...

فاجمعنا بأشباهنا كلما ابتعدتْ الأمانيّ عن أفُقِ الأمنيات، وتاهت خُطانا في دروبٍ ما بها أثَرٌ ولا راية .

دُمْ حين لا نملكُ من اليقينِ سوى الدعاءِ، ولا من الصبرِ إلا خُيوطًا نرقّعُ بها انكساراتِنا.

دُمْ إذا جفَّ الكلامُ، وبكى الحرفُ في المدى، وما بقي في الروحِ إلا رجاءٌ صغيرٌ يلوّحُ من بعيد.

دُمْ إن تهاوى الضوءُ، وخفَتَ الرفاقُ، فأنتَ الضوء من بعد الظلام ، والنورُ فاق به النيام ، ومن لا يراك فهو غِرٌّ لا يلام.

صباح النور 

دعني أُصافحْ يومَ صفوٍ ناعمٍ

ما فيهِ إلا الحُسنُ والنفسُ الرضيَّهْ

يمضي على مهلٍ، كأنّ نسيمَهُ

هَمسُ الملائكِ في خواطرِهِ خَفِيَّهْ

تمشي الدقائقُ في دلالٍ ناعمٍ

وكأنّها لحنٌ بلحظاتٍ نديَّهْ

بِشَمسٍ كبنتِ النورِ لمّا أشرقتْ

غنّى الصباحُ بنبضِه روح نقيَّهْ

يا ليتَ هذا اليومَ يُنْسى موعدًا

وتدومُ في عمري صباحاتٌ وفيَّهْ

خُطّتْ بأنفاسِ ابنةِ النورِ التي

ترنو إلى لحظةِ وصالٍ أبديَّهْ

فهذي قصة الصبح التي 

جاءت تُنَّغِم  لحنها بروِيَّة

خُطّت بحبٍ من ضياء وسنا

فغدا الصباح حكاية وردية