

منى يوسف حمدان الغامدي
بقلم: منى يوسف الغامدي
أن تعيش اللحظات الروحانية والخواتيم المباركة لهذا الشهر العظيم بجوار الحرمين الشريفين فتلك نعمة عظمى تستحق الثناء والحمد والمنة لرب العالمين ؛ وأن تكون سعوديا استشعر عظمة هذه الدولة المباركة وما تقدمه القيادة الرشيدة ممثلة في خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده من خدمات جليلة ومن ثم ترصد هذه الجهود لكافة الوزارات والقطاعات والهيئات التي ترفع أغلى طاقاتها التشغيلية على مدار الساعة لضمان راحة ضيوف الرحمن لتحقق أعلى معايير الجودة والإتقان والتميز في الأداء من قبل كوادر بشرية سعودية مؤهلة لتكون واجهة حضارية انسانية نموذجية فريدة من نوعها تجعل كل قاصدي الحرمين الشريفين في حالة انبهار شديد مع شعور تام بالسكينة والطمأنينة والخشوع والتفرغ التام للعبادة فتغشاهم الرحمات وتتنزل عليهم البركات وقد هيأت لهم الدولة كل الأسباب ليكونوا في هذه اللحظات بين يدي رب كريم يدعونه فيستجيب لهم برحمته .
منذ طفولتي المبكرة وقد حظيت بجوار المسجد النبوي ارتاده بمعية والدي ووالدتي رحمهما الله وعاصرت مراحل التوسعة في عهد الملك فهد رحمه الله وأتذكر جيدا في صلاة التهجد آخر الليل كان عدد الصفوف محدودا وعدد الزوار قليلا وهأنا اليوم في عهد الملك سلمان حفظه الله أرى بعيني مشاهد تخفق لها القلوب وهذه الملايين تجتمع في رحاب المسجدين الشريفين في مكة والمدينة وكاميرات التصوير تنقل للعالم مشاهد مهيبة قد لا تعيها العقول للحظات وعندما تكون وسط هذا الجمع المليوني وتشاهد وتسعد بإدارة الحشود بمعايير عالمية بل تفوق السعوديون على أنفسهم ليقدموا نموذجا سعوديا يتعلم منه العالم كيف تكون هذه الإدارة لأنها نابعة من حب كبير واستشعار لمعنى أن يصطفيه الله من بين خلقه لحسن ضيافة ضيوف الرحمن.
التعامل مع كافة الثقافات والجنسيات بمهنية عالية وخلق رفيع يتطلب جهدا مضاعفا فالنفوس البشرية لا يعلم بها إلا الله ووقفت مع نساء وفتيات موظفات ومتطوعات سعوديات من مختلف الأعمار وهمست في آذانهن وقلت بوركت هذه الهمم وأجركم على الله وتستحقون كل التقدير والإشادة والابتسامة تعلو محياهن ويقمن بدورهن كما يليق بكل سعودي وسعودية .
في ليلة ٢٣ من رمضان طاف بالبيت العتيق ما تجاوز ثلاثة ملا يين معتمر وكنت واحدة من هؤلاء وكانت عمرة مثالية بمعنى الكلمة ؛ خدمات نوعية يقدمها رجال ونساء الهيئة العامة للعناية بشؤون المسجد الحرام لتوفير حزمة من الخدمات والإجراءات الخدمية والميدانية والتشغيلية.
رحلة إيمانية في أجواء روحانية استغرقت مايقارب ١٣ ساعة فقط بين رحلتي الذهاب والإياب عبر قطار الحرمين الشريفين توجهت صباحا من المدينة النبوية إلى مكة المكرمة وبلغة الأرقام والمسافات وعدد الحشود ومناسك العمرة تكاد تكون تلك معجزة سعودية .
وهذه كلماتي أخطها اليوم وقد أكرمني الله بأن أكون في المسجد النبوي الشريف في صباح اليوم الجمعة يوم ختم القرآن الكريم وزوار وزائرات المسجد النبوي يتوافدون من الصباح الباكر وهاهن الزائرات حولي من كل جنس ولون يلهجن بالدعوات وينعمن بالراحة والسكينة والخشوع يتلون كتاب الله وحولنا في كل مكان موظفات ونساء الأمن والهلال الأحمر والمتطوعات يعملن على قدم وساق لتوفير كافة الخدمات لهذه الحشود المليونية في أوقات الذروة من عمر الزمان
ليلة ليست ككل الليالي ونحن نودع شهرنا ونرتجي من الله القبول لما قدمنا من عمل صالح على تقصير منا وكل القلوب معلقة برب كريم عظيم لا يرد من قدم إليه في لهفة وشوق وتبتل ورجاء في رحمته ومغفرته ونيل العتق من نيرانه
وأجد قلبي قبل لساني يردد دعوات صادقة لولي أمرنا خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين على ما يقدمونه من جهود جبارة ومتابعة حثيثة لكل فرق العمل التي تقدم أعظم وأجل خدمة لضيوف الرحمن.
اللهم بارك لنا في قيادتنا الرشيدة وفي دولتنا العظيمة وفي رجال أمننا وكافة العاملين على الثغور وبارك في عمل كل مواطن سعودي قام بدوره ليكون مضرب الأمثال في حسن الاستقبال وكرم الضيافة لنستشعر معا جميعا معنى وقيمة الخشوع والسكينة والسلام وتحيط بينا رحمات وأنوار ربانية تتنزل من السماء لأهل الأرض في أعظم الليالي من العشر الأواخر فاللهم اجعلنا من المقبولين أجمعين وأعط كل مسلم مطلبه وحقق رجاءه ولا تخيب ظنه وأكرمه بكرمه يا واسع المغفرة بارك لنا في ليالي الرحمات وأعدها علينا سنوات عديدة وأزمنة مديدة ونحن وهذا الوطن وقيادته في عز ومجد وتمكين ورفعة بين الأمم اللهم آمين.

