

اللواء ركن م -حسين محمد معلوي
دويلات داخل الدول
انشغل العالم في الأيام الماضيه بالتمرد الذي قام به قائد قوات فاغنر الروسيه …. " يفغيني بريغوجين " والذي كان سببه ادعاءه بأن القيادة العسكريه الروسيه قد ضربت معسكرات قواته بالطائرات المسيره والمدفعية والصواريخ إضافة الى تراكمات سابقه مما جعله يعطي الأمر لقواته التي تقدر ب (٢٥) الف رجل بالانسحاب من جبهة القتال مع اوكرانيا وعبور خط الحدود باتجاه الأراضي الروسيه متجهاً الى مدينة " روستوف " التي سيطر على عدد من المواقع العسكرية فيها ، وادعى يفغيني ان قواته تبعد عن موسكو (٢٠٠ ) كلم في اشارة الى أنه ينوي الزحف بقواته الى العاصمة الروسية "موسكو " ، ونتيجة لذلك صدرت عدة بيانات وتصريحات من القيادة العسكريه الروسيه تصف قوات فاغنر بالمتمرده واعتبر الرئيس الروسي بوتين ان ذلك التمرد خيانه وتم تحصين العاصمه موسكو واقامة دعوى قضائيه ضد رئيس فاغنر ومن سانده من ضباطه وجنوده ووجه المدعي العام التهم الى يفيجيني التي قد تحكم عليه المحكمة بموجبها بالسجن (٢٠) عاماً ، الا أن الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو (روسيا البيضاء) وبالتنسيق مع الرئيس الروسي "بوتين " تدخل في ما حدث وانهى بلبلة التمرد والفوضى التي سببها رئيس فاغنر بانتقاله الى روسيا البيضاء مقابل اسقاط كل الدعاوي ضده وضد جنوده مع ضمانات امنيه وبنود اخرى ، ومعلوم بأن فاغنر شركة عسكرية روسيه خاصه أو انها مجموعة عسكرية شبه رسميه وهي كما ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز " تتمتع بالإستقلاليه وتتبع وزارة الدفاع الروسيه ويقال بأن مؤسسها ضابط روسي متقاعد من القوات الخاصه اسمه "ديمتري أوتكين " وأنها حملت اسمه السري " فاغنر " ، وهي حالياً مملوكة لرجل الأعمال وقائدها الحالي "يفغيني بريغوجين" المعروف بطباخ بوتين لإدارته لشركة " كونكورد " المنظمة لحفلات الاستقبال في الكريملين ، وتضم خليطاً من العسكريين المقاتلين المتقاعدين الذين يقدمون خدماتهم مقابل المال . لقد رأى المحللون والمراقبون فيما حدث فوضى تدل على عدم انسجام القيادات العسكريه الروسيه مع بعضها البعض ، وتدل كذلك على أن من نتائج هذا التمرد تأثر وتراجع اهداف و مهام وأداء فاغنر العامله في جزيرة القرم منذُ عام ١٩١٤ م عندما ضمتها روسيا اليها وفي سوريا منذُ عام "١٩١٥م " وفي ليبيا التي تواجدت فيها من عام "١٩١٤ م" وحديثاً في السودان مع الفريق حميدتي الذي شكل بقواته المشابهة لفاغنر دويلة داخل الدوله وتواجدت فاغنر في النيجر ومالي بعد خروج القوات الفرنسيه منها قبل اقل من سنتين وفي أمريكا اللاتينيه وغيرها . إن فاغنر ستتأثر حتماً بما حدث لها في روسيا واوكرانيا وسقوط سمعتها ووصفها رسمياً من القيادة الروسيه بالقوات المتمرده ، وعندما تربط الأحداث والمسميات ببعضها في السياق فإن قوات شركة فاغنر هي مثيلة تماماً لقوات شركة " بلاك ووتر " التي أنشأتها امريكا لنفس الأهداف التي أنشأ الروس من اجلها شركة فاغنر . وبالتالي فإنه رغم ادراك المحللين والمتابعين بأن هذه الشركات أنشأتها الحكومات لأغراض سياسية واقتصاديه وأمنيه وعسكريه ( حروب الوكاله ) .. إلا إن من أهم الدروس المستفاده أن لا تكرر دولاً أخرى نفس التجارب بإنشاء منظمات أو شركات مسلحه لأن ذلك خطأ كبير لكونها ستتحول الى دويلات داخل الدوله وستشكل خطراً حقيقياً على دولة المنشأ والولاده . تعتبر هذه الشركات العسكريه من نتائج الصراعات والحروب الدوليه كالتي تجري في اوكرانيا ، ولو تقيد الرؤساء الغربيين ورئيسي روسيا وأوكرانيا بما تفرضه المعاهدات والمواثيق الدوليه والمصالح الحيويه للدول وقوانين السياده الدوليه ، لما اندلعت حرب اوكرانيا وغيرها من الحروب ولما فقدت الشعوب الملايين من ابنائها . إن انصار الشيطان يدفعون بالعالم الى طريق الهاويه والدمار والهلاك .
اللواء الركن م / حسين محمد معلوي
بريطانيا

