

النهار
بقلم: جيلان النهاري
عندما يكون القلب هو بيت الحنان بيت الحب بيت الأمان بيت الإنتماء والمودة الإنسانية والإطمئنان بثقة صادقة تجاه هذا القلب ستعلم معنى الآية الكريمة:
[إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ (96)] سورة آل عمران.
في مقالتي هذه لن أستذكر التاريخ لأثبت مدى صحة ما أكتب تحت عنوان موضوع المقالة هذه، ولن أشرح سبب وأضع مبررات لإقناع العزيز القاريء عن قيمة ومعنى أن هناك قلب واحد نبضاته سر حياة العالم وهو البيت الحرام الذي تهوي إليه أفئدة أرادت لذواتها طمأنينة القلب وروحانية الإتصال برب العباد في تجلي الإحتياج فأبو الأنبياء وخليل الله سيدنا إبراهيم دعى الله في أول مقدم له إلى هذا القلب: [رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ (37)] سورة إبراهيم.
إن البيت المحرم هو القلب الطاهر الذي يقصد طهره العابد التائب المنيب القادم إليه ليطوفه ويعتكف به ويركع ويسجد فيه مقيما للصلاة منذ أن خلق هذا العالم:
[وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى ۖ وَعَهِدْنَا إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (125)] سورة البقرة.
من كرم الله وتشريفه لعباده الأمناء الكرماء الذين اصطفاهم لخدمة بيته الحرام، وتعميره وتأمينه وشرف القيام بخدمة كل طائف ومعتكف وراكع وساجد يهوي فؤاده إليه، أن جعل إستجابته تعالى لدعوة خليله أبراهيم:
[وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا ۖ إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (127)رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا ۖ إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (128)]
[وَوَصَّىٰ بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ (132)] سورة البقرة.
فكان ذلك من الذرية المسلمة ما هو قائم في عصرنا الحديث الذي يشهد على اصطفاء الله من ذرية إسماعيل عليه السلام لحكام المملكة العربية السعودية في تحمل أمانة دين الله الإسلام وإقامة صحيح الرسالة المحمدية دون زيادة في الدين أو نقصان، فتعلموا الكتاب وحفظوه واعملوا الحكمة وتزكوا بعون من الله وتوفيقه: "رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ ۚ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (129)] سورة البقرة.
فالعالم أجمع يشاهد مايثلج قلوب المسلمين الهائمة شوقا إلى زيارة أول بيت وضع لهم وكيف مَنَّ الله على آل سعود الكرام بأن سخرهم بشرف خدمته، وتسخير كل نفيس رزق الله به البلاد في عمارة أول بيت وضع للناس أجمع، فمنذ رفع نَبِيَّا الله ابراهيم وإسماعيل عليهما السلام القواعد من البيت، لم يسبق حكام المملكة العربية السعودية في خدمته وتعميره بهذا الإهتمام والتعظيم عبر التاريخ أي حكومة أو دولة رزقها الله نعمه خدمة بيته المحرم، وهذا ما أثبته التاريخ الحديث من خلال ما نشاهده من صور إنتهاء التوسعة الثالثة للقلب النابض بسر حياة العالم.

