

جيلان النهاري
بقلم: جيلان النهاري
لا يدخلني أي إنبهار عندما يخبرني أحدهم أن جدة تقرأ، ولن أتفاجأ إن يقال لي معرض الكتاب في مدينة جدة إستثنائي، ولن تتغير أو تهتز ثقتي في ثقافة أهالي مدينة جدة التي تتهافت عليها كل ثقافات شعوب العالم بحكم أنها بوابة الحرمين الشريفين حيث يلتقى موسميا بشكل دائم وبدون أي تخطيط أوتنظيم مستويات متعددة من أصحاب الفكر والريادة في العلوم والفكر والأدب والتاريخ يتلاحقون عبر النقاشات التي تدور بينهم في مواسم الحج والعمرة، ويتواصلون بالتناوب إنتاجهم الفكري، و يتهادون الكتب التي بين أيديهم، وهذا يحدث منذ أن وجد على كوكب الأرض مدينة إسمها جدة.
ففي كل بيت جداوي مكتبة متنوعة العلوم، وفي كل بيت بمدينة جدة كتاب يُقرأ، وصفحات مجلدات تتقلب، ومعلومات من هذه الصفحات تستقى، ومعرفة تتركز في العقول التي تَقرأ.
فمنذ الطفولة ونحن نعرف هذه الميزة في بيوت سكان مدينة جدة وإلى يومنا هذا.
في جدة عديد من العوامل المُخَرِّجة للكُتَّاب وخاصة في مجالات ثقافات الأدب والتاريخ والدين، حيث البحر، وحيث الملتقيات والنقاشات عبر المقاعد والمقاهي المنتشرة قديما في أحياءها، واستقبال الرواد المهتمين بالثقافة، فجدة مدينة ملهمة لزائرها المثقف عندما يلتقي بروادها من أهل ثقافة العلم والأدب والتاريخ.
في معرض الكتاب المقام في مدينة جدة خلال الفترة من 12 إلى 21 ديسمبر 2024، [بعنوان: جدة تقرأ]، رأينا جميع دور النشر في العالم والمتخصصة تحمل رفوف أجنحتها العديد من الكتب المتنوعة من جميع أنحاء دول العالم التى تغذي العقول فكرا وثقافة في جميع المجالات، كما أننا أصبحنا في يقين أن أبناءنا وبناتنا الشباب من معظم مناطق بلادنا الحبيبة هم الصناع الجدد للعلم والثقافة والمعرفة من خلال ما وجدناه في مشاركاتهم في المعرض من إنتاج كتب كثيرة جميلة وقيمة لهم تحمل أسماءهم، تتبناهم دور النشر الوطنية حيث يظهر لنا ذلك من زيارتنا إلى العديد من الأجنحة ولقاءاتنا بالكُتَّاب والكاتِبات الشباب، وكيف الإقبال على كتبهم من أقرانهم في العمر، وأيضا من المثقفين الكبار الذين يناقشوهم ويستفيدوا من عقول الوطن الشابة، ويفيدوهم بخبراتهم.
رأينا في معرض جدة للكتاب 2024م إقبالا كبيرا نكاد أن نجزم ومن الإحصائيات التي ستظهر عندما ينتهي المعرض أن نسبة المرتادين ممن هم في عمر الشباب يفوق بنسبة كبيرة ضمن إجمالي المرتادين من الذين حضروا، وكذلك صرفهم المادي في شراء الكتب التي يستهوونها والتي ستشكل في ثقافاتهم بناءا فكريا قيما.
لقد طمأنت جدة كل الوطن أن الجيل السعودي الجديد يقرأ رغم وجود تكنولوجيا الألواح الإليكترونية، وأن الكتاب خير رفيق يؤمن به أبناء وبنات الوطن كما هم أباءهم وأجدادهم كانت حياتهم مع الورَّاقين والمخطوطات والكتب التي كانوا يتناولونها بينهم بشغف القراءة.

