

جيلان النهاري
بقلم - جيلان النهاري
انعم بحياة هادئة، خالية من الأحداث المؤلمة، البعيدة عن الضغوط النفسية، تقبل أقدارك بنفس راضية قانعة بما كتبه الله لك من رزق أوتيته من مال وعلم وصحة، تلك كلمات يقولها ويرددها الكثير إلى الكثير، هدفهم هو التهدئة وبعث الارتياح النفسي من أولئك لأولئك، وقد تنعكس الأدوار بينهم.
إحتراق القلوب المكلومة شيء واحتراق القلوب الحاقدة الحاسدة الظالمة شيء واحتراق القلوب المظلومة شيء.
الفقد لأمر هام في حياة المرء يُكْلِمُ القلوب ويحزنها كفقد عزيز أو فقد رجاء يأمله، فيكون هذا الفقد كبيرا لدرجة لا تتحملها القلوب فتحترق قهرا لا تُضَمِّدُ حرقتها إلا برحمة من الله.
النفوس التي يتحكم فيها الأنا لها قلوب سوداء متفحمة من كثرة ما فيها من إحتراق متكرر ينالها إما لشرارات حسد تسكن جوانب قلوبهم أو لاشتعال أحقاد متكررة تحرق قلوبهم أو استهوائهم للظلم الكبير الذي يستمتعون به في إيذاء غيرهم ليكون حريقا كليا تخترق أدخنته نفوسهم يغطي عقولهم ورشدها، والغريب أنها لا تتألم ولا يدخلها شعور الألم وتأنيب الضمائر، وأن حدث ذلك يكون متأخرا، محظوظين من يلحقون ذاتهم رغم عدم التوقع أن يفعلوا، وضريبتهم هي خسارة أنفسهم في الدنيا والآخرة.
إحتراق القلوب المظلومة نظير ظلم تعرضت له سَبَّبَ لهم فقد الإنتصار لحقوقهم التي سلبت منهم، أو تم التعدي عليها وعدم مقدرتهم إما لضعف مقدرتهم وإمكانياتهم المكتسبة لهم في إسترجاعها، وهؤلاء الذين أحترقت قلوبهم لظلم دائما تشفى قلوبهم في حياتهم الدنيا وحياتهم الآخرة، والله كفيل بهم.
كم أحترقت قلوب تعيش معنا، رهنت نفوسها لتلك المشاعر التي أختلجت في داخلها، وكم رأينا كيف تشافت المكلومة منها من أحزانها واستمرت بهم الحياة حتى وإن كانت في داخلها وذمة الشفاء من الكُلُمِ ذات أثر، ولكننا نجد منها تلك القلوب التعايش مع آثار وذمتها وكأنها ذكريات تسترجعها للحنين عند تلمسها، ورأينا كيف كانت الدروس الظاهرة لنا من سواد القلوب المتفحمة من حرائق الحسد والحقد وإستمراء الظلم للبشرية، وكيف كانت مآلاتها، وكم رأينا من قلوب تشافت من ظلم أَلَمَّ بها وسلمت أمرها إلى خالقها، وداومت تداوي أنفسها بالدعاء حتى عادت حية نقية صافية.
نحن والحمدلله نعيش في بلد الأمة المسلمة ملكا وشعبا، حبانا الله بنعمة لم يتلقاها شعب من شعوب الأرض ألا وهي روحانية الأرض بالرسالة الإنسانية السمحاء رسالة سيد الخلق النبي الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، تَخَلقَّ وأقتدى بها ولاة أمرنا هم وعلماءنا وأهل الحل والعقد في مناطقنا من أمراء المناطق وشيوخ القبائل، وأصبحنا لحمة مؤمنة صادقة نسعف المكلوم وننصح ونصلح الحاسد والحاقد، ونضع يدنا بقوة الحق على يد الظالم ونأخذ الحق منه، ونضع يدنا بعدالة الحق على يد المظلوم نطيب قلبه بعودة حقه إليه.
ندعو الله عَلَّامُ القلوب أن يديم ويبقي علينا طهارة القلوب على مستوى أهل هذا البلد الكبير المملكة العربية السعودية حكومة وشعبا ويحفظنا من إحتراق القلوب.

