

اللواء ركن م -حسين محمد معلوي
بقلم - اللواء الركن حسين محمد معلوي
إن المحللين والمتابعين للحرب التي أسماها بنيامين نتنياهو بحرب القيامة على جنوب لبنان وخاصة على الضاحية الجنوبية من بيروت والمتابعين لحرب الإبادة الإسرائيلية على الفلسطينيين في قطاع غزة واعادة ذكرى أحداث نكبة الفلسطينيين عام ١٩٤٨ م بشكل افضع وأوسع تلك النكبة التي قتل وهجر وطرد بسببها اكثر من (٧٠٠) الف فلسطيني من ديارهم على ايدى عصابات الأرغون والهاغانا اليهودية والقوات البريطانية المساندة لليهود المنتدبة على فلسطين في ذلك الوقت.
إن الأجيال الفلسطينية والعربية والمؤرخين والحكام والحكومات الذين جاؤوا بعد النكبة كانوا يتلاومون على ما حصل في زمن النكبة ولا يتصورون أو يقبلون أن تحدث نكبة اخرى بعد نكبة ١٩٤٨ م بل انهم يسبون ويشتمون من يتجرأ ويحذرهم باحتمال تكرارها !!!!
ولكن المؤسف أن النكبة تتكرر اليوم من إسرائيل وداعميها وبأسلحة متطورة وفتاكة وبحرب إبادة جماعية على أهل غزة والعرب يتفرجون الا البعض منهم. أما زعيمة محور الممانعة إيران التي تصر على أن شعار تحرير القدس لن يكون إلا بالمرور بعملية التحرير على العواصم العربية فقد انكشفت وهي ترى سقوط اقوى اذرعتها حزب الله وتأديب الحوثيين وغيرهم من اتباعها وأسقط في يدها فلجأت بالتنسيق مع الحلفاء الاستراتيجيين امريكا واسرائيل الى ايجاد ما نسميه بحرب حفظ ماء الوجه الايراني وتتمثل في التهديدات بالضربات المتبادل والمتفق عليها باشراف امريكي بين ايران واسرائيل.
إن الصراع الاستراتيجي لطمس قضية فلسطين والسيطرة على العالم العربي تتم بعد نجاح الخطط في تهجين الشعوب العربيه بإدخال الثقافات الغربية وبعد تثبيت رؤي تهويل القوة والجبروت الاسرائيلية والغربية في كل شيئ ويتم ذلك بعد إبعاد الجيل العربي بنسبة كبيرة عن مبادئ وتراث الأمة العربية والإسلامية وحضارتها وعقيدتها الإسلامية المحمدية.
لقد توصل المحللون عن الصراع الحالي الى الاستنتاجات والنتائج التالية :-
١. ليس من مصلحة العرب ولا المنطقة أن تكسب الحرب أي من اسرائيل او ايران لأن اي منهما عدو للعرب ، اذا كسب الحرب يستمر ويزيد تكبره وتجبره على العرب لفرض سياساتها التوسعية وغيرها ما دام العرب يفتقدون الى المشروع العربي الموحد لمقاومة أطماع الصهاينة والصفويين والصليبيين الإنجيليين المتصهينين وستفرض أي منهما ( اسرائيل او ايران ) في حالة انتصارها سياساتها ومصالحها الاستعمارية التوسعية على العرب بما في ذلك تصفية القضية الفلسطينية ، وستسعى إلى تقويض أنظمة الحكم العربية الوطنية لتحقيق حلم اسرائيل الكبرى التوراتي أو حلم فارس الكبرى المجوسي .
٢. اذا تعادلت اسرائيل وإيران في الصراع فسوف تتفقان على تحقيق مصالحهما باشراف امريكي وستعوم منطقة الشرق الأوسط العربيه فوق رؤوس الثعابين للصادات الثلاثة ( الصهيونية ، الصفوية ، الصليبية ) ، ولن يكون هناك أي استقرار حتى يتم تنفيذ مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي يعني تقسيم المقسم وتجزئة المجزأ بتحويل الدول العربيه الى دويلات صغيره مسلوبة الارادة والاستقلال
.. وسوف تستمر المؤامرات وسياسات عدم الاستقرار ضد العرب وحكوماتهم الوطنية حتى تنفيذ هذا المشروع .. وهذا يعني تعطيل خطط التنميه العربيه لأن اعداء العرب مشغولين بإفشالها لإثارة الشعوب العربية ضد حكوماتها.
٣ . المقاومة الفلسطينية لن تنتصر وستبقى المقاومة فكرة ثورية دون آلية تنفيذيه لأن اسرائيل وأمريكا لن تسمح بانتصارها ، ولأن ثورة او مقاومة الفلسطينيين تحمل في احشائها قنابل وبذور الفرقة والفتنة والعمالة التي ستؤدي الى الانفجار بين فتح العباسية وسلطتها المتعاونه مع اسرائيل بموجب اتفاقيات اوسلو ، وبين حماس السنواريه والمتحالفين معها من المنظمات الفلسطينية الأخرى السائرة في ركب ايران ، وقد نكثت منظمتي فتح وحماس باتفاق مكه الذي رعاه الملك عبدالله بن عبد العزيز رحمه الله ، أما منظمة التحرير الفلسطينيه التي تعترف بها اغلب دول العالم فتحولت الى كيان في موت سريري وفي غيبوبة منذُ عقود تنتظر اطلاق رصاصة الرحمه ، قال تعالى: { إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ } .
٤. لن يتم القضاء على ميليشيات ايران في العراق و سوريا و لبنان و اليمن و داعش وإنما سيخبو ويخفت نورها ويهدأ دورها لفترة من الزمن لاستخدامها عندما تدعو الحاجة الى ذلك وفقاً لخطط الشرق الأوسط الجديد الذي وضعه الصهيوني برنارد لويس واعتمده الكونجرس الأمريكي في الثمانينات من القرن الماضي ، ولأن امريكا و اوروبا و اسرائيل و ايران هي التي زرعت تلك الميليشيات لأهداف كبرى متعددة لم تتحقق بعد.
٥. لا أحد ينكر أن ما سمي بحرب طوفان الأقصى قد أعادت قضية فلسطين إلى الواجهه وكسرت هيبة قوة الردع الإسرائيلية المزعومة منذُ عقود ولطخت سمعة اسرائيل في العالم وكسرت وكذبت ادعاءات أمريكا والغرب بتطبيق مبادئ القانون الدولي وقيم الانسانية والحرية والديمقراطية والعدالة والمساواة وحق الشعوب في مقاومة المحتل وتقرير المصير.
بل إن طوفان الأقصى سبب عزلة لأمريكا وكشفت حرب غزة إن أمريكا وأوروبا وجهين لعملة واحدة وأنهم يتعاملون مع قضية فلسطين بمكيالين أحدهما لصالح اسرائيل باستمرار والآخر ضد العرب والفلسطينيين وباستمرار كذلك.
وفي المقابل فإن لعملية طوفان الأقصى سلبياتها واهمها انها اعطت اسرائيل الفرصة لإبادة شعب فلسطين في قطاع غزة ودمرت القطاع ومدنه حتى صار غير قابل للحياة.
٦ . ما هو الحل ..؟.
الحل أن يتحد العرب ويتفقون على مشروع موحد لمقاومة وردع المشاريع و الأطماع الإمبريالية الأجنبيه في بلادهم ... قبل فوات الأوان ويلتفون بقوه على المشروع السعودي ا الأرض مقابل السلام) الذي قدمته السعودية للقمة العربية التي عقدت بيروت عام ٢٠٠٢ م وتم تبنيه بالاجماع في ذلك الوقت . ويرى المحللون بأنه المخرج والمشروع الوحيد والأوحد للعرب لمعالجة الوضع الحالي والمستقبلي، وأن على العرب تفعيل كل ما لديهم من أوراق الضغط لإجبار أمريكا واسرائيل على القبول بالمشروع السعودي الذي تبنته القمة العربية وصار يسمى ….. " المبادرة العربية ".

