

النهار
بقلم - د. شادي الكفارنة
منذ بدء العدوان الأخير على قطاع غزة في السابع من أكتوبر الماضي، انتشر الموت في كل مكان، وتشتت ما يزيد عن مليوني نازح داخل المخيمات ومراكز الإيواء في ظروف معيشية كارثية، وتدمير المرافق الصحية، والنقص الحاد في الأدوية والكوادر الطبية المتخصصة، ونقص الرعاية الصحية والصعوبة في تقديم الخدمات اللازمة؛ مما أدى إلى انتشار الأمراض البكتيرية والفطرية والفيروسية؛ ليتحول القطاع مستنقعًا من الموت المعلن والخفيّ ملوثًا بمياه الصرف الصحي نتيجة العدوان الذي تسبب في حرمان السكان من المياه الصالحة للاستخدام، وتدمير البنية التحتية للصرف الصحي، وتكدس آلاف أطنان القمامة، وانعدام الأمن الغذائي، وتكدس السكان في أماكن النزوح المميت والتشرد القسري، فظهرت الأمراض الفيروسية المتسببة لشلل الأطفال من مياه الشرب الملوثة بالصرف الصحي، ولسنا في هذا المستنقع فحسب بل مستنقع القتل بكل الوسائل المحرمة دوليًا.
وكذلك مستنقع التلوث بكل أشكال الأوبئة المرضية المعدية والقاتلة وخاصة مع ارتفاع درجات الحرارة والاكتظاظ السكاني في خيام النزوح وتراكم مياه الصرف الصحي، حيث تنتشر الحشرات التي تنقل الأمراض والعدوى وتؤدي للوفاة بين الأطفال أو مشكلات صحية لكبار السن تتطلب عمليات بتر للأطراف أحيانًا، وانتشار الأوبئة والأمراض الجلدية مثل الجرب والطفح الجلدي وأمراض وبائية تحرق الجلد وتقتل الأطفال في مخيمات النزوح الناتجة عن نقص المياه النظيفة وتدهور الصرف الصحي وانتشار الحشرات (القمل) وغيرها، ونقص مستحضرات النظافة الشخصية والأدوية، وأمراض أخرى كالتهاب الجهاز التنفسي العلوي والتهاب الكبد الوبائي ومرض السحايا والزحار والإسهال المائي وغيرها، والجدري، فنسمع موت أطفال يومياً في مخيمات النزوح.
لقد خلف الحرب آلامًا ودمار ًا لم يشهده هذا العصر من قبل، من انتشار الأمراض وزيادة تفاقم الأوبئة ، ففعلا نعيش في مستنقع الموت ما يزيد عن عشرة أشهر من حرب الإبادة الجماعية بكل أشكال الأمراض التي تقارعنا وتنهك أجسادنا ، فيموت الواحد منا ضعيفًا هزيلًا مدفونًا بلا رجعة ؛ إذ إنني لست طبيبًا لتشخيص الأمراض، لكنني أصف حالة مرضية قاتلة نحن جزء منها في بقعة جغرافيّة لكل أشكال الأمراض استنادا لتقارير دولية ومحلية في وصف مستنقع الموت قطاع غزة.

