رحلة في ذاكرة التربوي والأديب الأستاذ عبدالعالي الحارثي
حاوره محمد الحارثي
ولد الأستاذ عبدالعالي بن علي بن عالي الحارثي بقرية قريش إحدى قرى محافظة ميسان تلك المنطقة الرابضة على سفوح جبال الحجاز وبتضاريسها الوعرة وبمناخها الشديد البرودة في الشتاء ويغطيها الضباب في هذا الفصل وكانت سنة مولده صادف إنشاء وزارة للتعليم بالمملكة كانت تسمى"بالمعارف" عاش هذا الفتى النجيب في كنف والده الشيخ علي بن عالي تلك الشخصية التي اجتمعت فيها مكارم الأخلاق فأصبح مرجع لها والذي ذاع صيته بالكرم بين اهل المنطقة فهو يتجسد فيه قول حاتم الطائي في الكريم:
أشاوِرُ نفسَ الجُودِ حتى تُطِيعَني---
وأترُكُ نفسَ البُخْلِ لا أَسْتَشِيرُها
فأحسن تربية إبنه عبدالعالي وغرس فيه هذه القيم والشيم وبهذه الخلفية وهذه السيرة العطرة جعلت من شخصيتنا أو بالأحرى ضيفنا في هذا الحوار شخصية استثنائية في كل شيء في أخلاقه ونبله وإيثاره وعطفه في ثقافته وعلمه وفلسفته في التربية كونه قائد تربوي سابق كانت رحلته في هذه الحياة تخللها بعض الصعاب ومحطات مر بها لم تكن ممهدة أو مفروشه بالورود كما يقال مجازياُ بل صقلته هذه الحياة على الرغم أنه من بيت كرم كما اسلفنا فهو سليل بيت عريق منذ القدم فأجداده بيت "الغزال" كما يعرفون بهذا اللقب شيوخ أهل حل وعقد وحكمة وشيم وقيم ونظرة ثاقبة للأمور فتشرب هذه الأدبيات في كل مراحل ومحطات حياته ولا يستطيع أن يحيد عنها لأنها إنغرست فيه وهي معيار أخلاقي إيجابي لا نريد أن نسهب عن سيرته ومحطاته ودراسته وحكايته مع الشعر بإجادته لنوعية وقوة الحفظ التي يمتلكها للمعلقات لشعراء العصر الجاهلي منذ أن كان طالبا بكلية اللغة العربية بجامعة أم القرى قبل خمسة عقود والتي تضمن عليها حوارنا لنغوص ونبحر معه في تلك المحطات وبمناسبة هذا الشهر الكريم والذي جعلنا منه مناسبة لحوارنا لنطرح عليه أسئلتنا والذي لايجيب عليها سِواه فأهلا وسهلا بكم أستاذنا الفاضل
● أستاذ عبدالعالي ونحن نعيش هذه الأجواء الروحانية من شهر رمضان المبارك ماهو الحدث الذي مازال في ذاكرتكم في هذا الشهر؟
- الحدث الأكبر الذي مازال في ذاكرتي هو حرب اكتوبر التي وقعت بين مصر و إسرائيل في العاشر من رمضان لسنة ١٣٩٣ هجري والتي اعادت للعرب هيبتهم واثبتت ان الإسلام حي لا يموت تعود له قوته في اي لحظة باذن الله وأسقطت قناع الزيف والغطرسة التي ظهرت بها اسرائيل بعد حرب حزيران عام 1967م وكان للملك فيصل رحمة الله عليه وقفته الخالدة والتاريخية مع مصر وكنا نتابع اخبارها عبرالمذياع والصحافة وحينها كنت حديث التخرج من كلية اللغة العربية وعملت معلم لغة عربية بمكه
● أنتم من رجال التربية والتعليم الذين عاصرو الدراسة طالباً قديما وكونكم عملتم في موقع القيادة مالفرق بين التعليم خلال هذين الزمنين
- الدراسة في الجامعة كانت بنظام السنوات وقد كان الطالب الجامعي يعيش مع المادة لسنة كاملة لكي يتسنى له التعمق فيها وقد كان الكثير من الدكاترة يكلفون الطالب بعمل بحث بالمادة يناقش في آخر العام من الصف الأول جامعة الطالب يذهب إلى الجامعة ويعود منها ومن بعد العصر يذهب إلى مكتبة الحرم المكي القديمة التي كانت أمام باب الملك عبدالعزيز إلى أن يحين اذان المغرب ثم يعود إليها إلى العشاء ويذهب إلى منزله لينام مبكرا ويصحو مبكرا.
وكانت وسيلة التعليم والتعلم سابقا المدرسة فقط وكان الطالب اكثر رغبة وجدية وحرص والأن كثرت وسائل المعرفة فقلت الرغبة والجدية والحرص على المدرسة والذهاب اليها مع هذه الكثرة من الوسائل كالإذاعة والتلفزيون ووسائل التواصل الاجتماعي
● عاصرتم قديما دخول شهر رمضان في مكة فيه المناخ شديد الحرارة وكان لايوجد وسائل حديثة من أجهزة لتلطيف أجواء المنزل كيف كنتم تتكيفون مع هذا الوضع ولاسيما وأنتم صيام
- صادفنا في مجيئنا من الطائف عندما ذهبنا إلى مكة كان الجو فيها يختلف عن جو مكة الحار وعندما دخلنا الكلية في مكة المكرمة التي انضمت فيما بعد إلى جامعة الملك عبد العزيز شطر مكة وكان ذلك سنة ١٣٩١ هجري 1971م وتحولت في عام ١٤٠١ هجري إلى جامعة أم القرى والتي أصبح إسمها لوقتنا الحالي كان مناخ مكة شديد الحرارة في رمضان وكنا إذا رجعنا من الجامعة نبلل الملابس بالماء ونشغل المروحة لكي تخفف من الحر وننام ساعة إلى العصر ومن بعد العصر يخف الحر عنه في وقت الظهيرة لليوم الثاني كان يأتي علينا شهر رمضان في ذلك الزمن شديد الحرارة كما اسلفت لا سيارات مكيفة والمنزل كذلك لايوجد فيه سوى مروحة وكنت قبل أن أستقر بمكة حين كنت يافعا صغيرا بالسن لم يتجاوز عمري ١٣ سنة كنت مقيما عند اقاربي بمكه واعمل مطوفاً في مواسم الحج وكان ذلك قبل ٦٠ عام وكنت اعمل عند أحد مطوفي الحجاج واخذ حجاجه إلى الحرم وكانت تأدية الطواف لا تأخذ مني سوى عشرة دقائق لقلة الطائفين آنذاك واقف بهم للدعاء عند الملتزم ومقام إبراهيم ولايوجد أمامي إلا نفر قليل وهكذا وكان المطوف مبسوط من إلتزامي بالعمل معه
● حدثنا عن كلية اللغة العربية لاسيما أنكم أحد طلابها المتميزين قبل نصف قرن برموزها وروادها تلك الكلية العريقة إحدى منارات العلم في وطننا ؟
ومن هم من زملائكم الطلاب بكلية اللغة العربية أنذاك الذين واصلو دراساتهم العليا وهل بينكم تواصل؟
- كلية اللغة العربية تحولت عندما إنضمت كلية الشريعة إلى المباني التي كانت بالعزيزية مباني جامعة أم القرى الآن فأصبحت عبارة عن كليتين كلية التربية وكلية الشريعة ثلاثة أقسام:
قسم الشريعة
قسم اللغة العربية وآدابها والتربية
وقسم التاريخ
وكلية التربية لها أقسامها ثم بعد ذلك انضمت الكليتين بأقسامها السبعة إلى جامعة الملك عبدالعزيز وكنت أحد طلاب هذه الكلية ومن رموز هذه الكلية الذين درسونا هم الدكتور حسن باجودة حفظه الله والدكتور محمود زيني والدكتور والأديب عمر الطيب الساسي رحمة الله عليهما وكان هناك من الزملاء الذين التحقوا بالدراسات العليا فيما بعد وعملوا في التعليم الجامعي أما أنا وبعض الزملاء خرجنا إلى التدريس من عام 1392 هجري عملت في مدارس مكة المكرمة وكان جميع الزملاء متميزين في معظم المواد كالأدب والنحو والمواد التربوية ومواد التربية الاسلامية.
أما بالنسبة للزملاء الذين واصلو دراساتهم العليا وأصبحو أكاديميين لاحقا هم معالي الدكتور خضر القرشي نائب وزير التعليم سابقا والدكتور عبدالله باقازي وهو أديب قاص وأحد رواد القصة لدينا وكان له زاوية مميزة بملحق الأربعاء الثقافي بصحيفة المدينة قبل فترة من الزمن كذلك الدكتور عبدالله الحسيني والدكتور عادل حجازي رحمهما الله والدكتور ضيف الله الحارثي والدكتور محمد العُمري نعم مازلنا على تواصل منذ ذلك الزمن إلى وقتنا الحاضر وعملنا ملتقى دوري لنا نجتمع فيه ونسأل عن بعضنا البعض بالهاتف كذلك
● أعرف بأنكم قيادي تربوي من الطراز الرفيع والذي لا يستخدم الضرب كعقاب حين كان متاح قديماُ ولكم طرق تعالجون بها بعض المواقف السلبية من بعض الطلاب مما تجعلون منه طالب إيجابي ماهي الطرق التي تستخدمونها لتحويل مسار الطالب للأفضل؟
- الحزم مطلوب في العملية التعليمية ولكن أفضل من الشدة التي لا تستخدم إلا بعد نفاذ وسائل اللين المتعددة فهي مركب صعب كما قال الشاعر:
إذا لم يكن إلا الأسنّة مركب
فليس على المحتاج إلا ركوبها
ويكون ذلك من أجل تعديل السلوك فقط في المرحلة المتوسطة؛ أما الابتدائية فلا تستخدم فيها الشدة إطلاقا.
● ماهي الميزات التي يكتسبها الطالب أثناء دراسته في رمضان لتعود عليه بالأثر الطيب بحكم تجربتكم وخبراتكم التربوية؟
- يتعلم فيها الطالب الجدية والانضباط والصبر والتحمل وهذه الاشياء هي مقومات لها دور كبير في خلق الثقة بالنفس لاسيما وانها بدأية مرحلة الإعتماد على النفس
● أنتم لكم إهتمامكم بالرياضة بجانب الأدب منذ كنتم طالب وقمتم منذ سنوات بإنشاء أكاديمية لكرة القدم حدثنا عن هذا الإهتمام والحب للرياضة وماهو الهدف من إنشاء هذه الأكاديمية وماهي الصعوبات التي تواجهونها في مشروعكم الرياضي ؟
- لدي اهتمام بالرياضة منذ الصغر حين كنت أرعى بقطيع "البهم" صغار الغنم كنت أحب ان أعدو حين أصعد الجبال بقريتنا وبعدها إنتقلت للطائف للدراسة بمدرسة دار التوحيد في عام ١٣٨٠ هجري ولعبت كرة القدم في أحيائها وكونت فريق من الزملاء وكان لدينا ملعب في شبرا وقابلنا بعض فرق الأحياء ومنها فريق لاعب النصر سابقا محمد سعد العبدلي رحمه الله وبعدها إنتقلت الى مكة المكرمة للدراسة الجامعية عام ١٣٨٧هجري وكونت فريق بحي إجياد المصافي يحمل اسم نادي "العطاء" وهو مشتق من البذل والعطاء وقد استمر ما يقارب ٦٠ عام الى وقتنا الحاضر وسجلت بنادي الكفاح بمكه المكرمة سابقاً الذي أصبح لاحقاً بإسم نادي حراء الأن وحينها اضطلعت بمسؤوليتي إتجاه أبناء قريتي والقرى المجاورة لها ومعي نفر قليل حيث عملت على إقامة دورة رمضانيه في كرة القدم قبل اكثر من ٤٠ عام جهزت لها ملعب كان عبارة عن أرض زراعية مستأجرة مجاورة لمدرسة العطا بقريتنا التي تعتبر أحدث مبنى لوزارة المعارف آنذاك وكانت اول دوره تقام ليلاً على انوار المولدات بدءناها بأربعة فرق حتى وصلت الى ١٦ فريق كما هو تقسيم فرق كاس العالم آنذاك وبالرغم من ضعف الإمكانيات من ناحية الإضاءة إضطررنا الى العمل بالكشاف اليدوي لدى رجال الخطوط الذي يضيء بالضوء الاحمر لقد استمرت هذه الدورة ١٥ عام ونجحت فكرة هذه الدورة بكل المقاييس واستقطبت بعض لاعبي انديه المملكة لعدم وجود دورات رمضانيه تشبهها بذلك الوقت وكان من ضمن اهدافها نشر الوعي الرياضي والأنشطة وبالتالي إلتحق الكثير من الشباب الحاصلين على الشهادة الثانوية آنذاك بأقسام التربية البدنية والأن منهم كانو معلمين تربية بدنية ومدربين ومشرفين كذلك انبثق عنها فكرة إنشاء نادي ميسان ولا زالت فكرته قائمة لاسيما بعدما اصبحت ميسان محافظة وإتسعت رقعتها والنادي يخدم ليس فقط شباب قرى ميسان بل يخدم قرى بني مالك وثقيف وبني سعد ولاسيما من خلال تجربتي يوجد مواهب رياضية لا يقلون عن غيرهم لو وجدو حاضن لهم وبعد هذا الحراك الرياضي حينها أتتني فكرة بأن أحول فريق الحواري الذي كونته إلى أكاديمية وبالفعل أنشأتها وأدخلت عليها ألعاب كالجمباز والكاراتيه وكرة الريشة حتى إني هيئة سطح منزلي لممارسة بعض الألعاب لعدم توفرها في الأكاديمية وأنفقت بسخاء والوضع المادي غير متوفر لكن لحبي في الرياضة ولأهدافها السامية لمردودها على الجسم والعقل والنفس والروح فهذه المقومات التي تقوم عليها الشخصية السليمة وصاحب هذه الشخصية سليما معافى باذن الله نموذج للمواطن الصالح القوي والمؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف
● والدكم الشيخ علي بن عالي رحمة الله عليه كان من المعمرين في محافظة ميسان حيث ناهز المائة وثلاثون عاما من عمره تقريبا حين وفاته وكان رمز في الكرم وكانت ذاكرته مليئة بالمواقف والقصص في حقبة كانت حياتهم فيها من البؤس وشظف العيش والأحداث ماذا إستفدتم من قربكم من هذه الذاكرة ؟
- الوالد رحمه الله كان احد المعمرين وانا اصغر ابنائه من الزوجة الاولى وقد عشت معه كثيرا كان كريماً في كل الأوقات كما قال عنه الخال علوان رحمه الله ببيت من الشعر النبطي يمتدحه يقول فيه:
سلم على ابو حسن يذبح لكم واحده من الضأن
اللين ولا القسا سوأت ميراداَ عديدي
فبيته مفتوح لمن يأتي من الشام او من اليمن بمعنى من كل مكان وكان يُضيَفْ الضيف بالغنم وكانت قيمتها ريال واحد فقط وهذه القيمة في زمن لايستطيع احد أن يجد مبلغ للذبيحة وبقيت هذه الصفة فيه إلى وقتنا الحاضر فكان يُضيف ضيوفه حتى حين وصلت قيمة الأغنام ل 1500 ريال عاش والدي وناهز من العمر مائة وخمسة وثلاثون سنة (135 عام) انتقل الى رحمة الله منذ اكثر من خمس سنوات وهو يتمتع بصحة جيدة عانى صعوبات كثيرة في حياته قاسية مع جيله كالجوع وشح الموارد وكان الأمن في بدايات عمر والدي غير مستتب إلى أن جاء الملك عبدالعزيز رحمه الله واستقر الأمن وكان معجباً بذلك الاستقرار ويعتبره أكبر نعمة أنعم الله بها عليهم على يد هذا القائد العظيم وكان يقول عمل فينا الملك عبدالعزيز رحمه الله كل خير ، كل خير ، كل خير ، مرددا إيها كذا مرة فوالدي ليس انه كان من أضعف الناس ويكون خائفاَ من الحياة في ذلك الوقت بل كان من اقواهم واشجعهم يذهب إلى مكة لوحده ويعود منها مشياَ على الأقدام ولكنه يحكي تجربة بأن الإنسان لا يأمن على نفسه قبل عهد الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه ويجعل ماقدمه لأمته في ميزان حسناته
● المعروف عنكم بأنكم تحفظون أغلب معلقات الشعر الجاهلي في الأدب العربي منذ كنتم على مقاعد الدراسة بكلية اللغة العربية وكذلك تنظمون الشعر بنوعيه الفصيح والنبطي منذ متى بدأتم بكتابة الشعر وكيف جمعتم بين كتابة هذين النوعين من الشعر لاسيما بأن مستوى الشعر النبطي لا يرقى لمستوى الفصيح على إعتبار انه ديوان العرب؟
- كان عندي محاولات شعريه قبل الدخول الى الجامعة وأكثرها بالشعر النبطي وعندما دخلت الجامعة كلية اللغة العربية كان المقرر في الصف الأول الأدب الجاهلي تعايشنا معه لمدة عام حفظت اكثر المعلقات وغيرها وقد جبت بهذا الشعر وقوة تراكيبه ومعانيه ولذلك حفظت اكثر اشعار الجاهليين توقفت عن الشعر لإنشغالنا في الجامعة بالدراسة والبحوث وكذلك رأيت الشعر الجاهلي قوي في تراكيبه وكان يسبب لدي بعض الإحباط والعزوف عن قول الشعر إِلا انني استأنفت محاولاتي الشعرية بالفصيح وبالنبطي الى يومنا هذا .
أما بالنسبة للجزئية الأخيرة في سؤالك نعم الشعر النبطي لا يرقى لمستوى الفصيح ولكن الجزيرة العربية أتت عليها حقبة من الحقب وإنكفأت على نفسها ولايعرف سكانها سوى الشعر النبطي وأصبح السائد بينهم ويتناقلونه بالمشافهة لتفشي الأمية فيها وأصبح هذا الشعر مكون في ثقافة سكانها وأكثر سهولة من الفصيح وبعد هذه الحقبة عاد وهج الشعر الفصيح منذ منتصف القرن التاسع عشر للميلاد برواده ورموزه لدينا من الشعراء مثل الغزاوي وبن عثيمين وحسين سرحان والفودة وحسين عرب وحسن القرشي وعموما الشعر الفصيح هو ديوان العرب والجزيرة العربية وتحديدا في هذه الجغرافية لوطننا العزيز هي موطن الشعر والشعراء ونفتخر نحن السعوديون بأننا أحفاد لعمالقتك المعلقات والشعر الفصيح في كل مراحله يعتبر اكبر منجز في تاريخ العرب فأصبح العرب لا يتنفسون إلا بالشعر وما يؤكد هذا القول ما ذكره الرسول صلى الله عليه وسلم عندما قال: " لا تدع العرب الشعر حتى تدع الإبل الحنين "
● ماهي الخصائص التي تميز بهما الشاعران أمرؤ القيس والمتنبي في أشعارهما لاسيما أنهما في مرحلتين زمنيتين مختلفتين وماهو أبلغ بيت في الشعر العربي تراه ؟
- امرؤ القيس اشهر شعراء الجاهلية على الإطلاق كما قال عنه النقاد كإبن سلام الجمحي وغيره شعره جزل الألفاظ كثير التشبيهات سهل المعاني وصف رحلات الصيد والطبيعة بما فيها من جبال وسهول وسيول وخيول وسباع وقف على الاطلال واستوقف وبكى والسبكة وصف النساء وهو اول من ادخل الشعر الى مخادع النساء وحاورهن قالت وقلت لم يكن لديه اي هم او موضوع جاد إلا بعد مقتل ابيه في مقطوعته الموجودة في معلقته والتي قال فيها:
وَلَيلٍ كَمَوجِ البَحرِ أَرخى سُدولَهُ
عَلَيَّ بِأَنواعِ الهُمومِ لِيَبتَلي
أما المتنبي فهو شاعر عباسي شاعر الفخر والمدح والهجاء كثير الإعتداد بنفسه فهو فارس شاعر يقول:
الخيل وَاللّيْـلُ وَالبَيْـداءُ تَعرِفُنـي
وَالسّيفُ وَالرّمحُ والقرْطاسُ وَالقَلَـمُ
الوصف منثور في ثنايا شعره كما هو الغزل وذكر النساء وكذلك بعض الحكم الموجودة في شعره هذه نظره خاصه بي لما فهمت من قراءه شعرهما.
أما أبلغ بيت قالته العرب هوبيت جرير الذي يقول فيه:
إِنَّ العُيونَ الَّتي في طَرفِها حَوَرٌ ---
قَتَلنَنا ثُمَّ لَم يُحيِينَ قَتلانا
● حدثنا عن شخصية كانت قريبة منكم في وجدانكم وذاكرتم هو الأستاذ محمد بن أحمد الحارثي "ابوايمن" رحمه الله أحد القيادات التربوية بتعليم جده وهيئة التقويم وهي من الشخصيات النادرة في مجتمعها فكراً وثقافة وعلماً ؟
- ابو ايمن رحمه الله زميل ورفيق درب درسنا في الجامعة وسكنا سويا ولي معه ذكريات لا تنسى تخصص في علم النفس واكمل دراساته العليا بأمريكا ومعه الدكتور صالح بن محيا وهما من المتفوقين في هذا التخصص ولاشك بأننا خسرناهما الأثنين رحمهما الله ومعظم المختصين في هذا المجال يعزون معظم السلوكيات للنفس وأبو أيمن رجل لطيف واديب ومفكر وعالم نفسي يحب الخير لجميع الناس ونموذج يقتدى به ولا زلت اكرر الكثير من عباراته الى يومنا هذا رحمه الله وعوضنا الله عنه بأيمن واخوانه
● أستاذنا الفاضل سعدنا بهذا الحوار الماتع معكم لصحيفة النهار السعودية هل من كلمة تريدون تدوينها لهذه الصحيفة والتي تحتفل بمرو رعام على تأسيسها لاسيما أن رئيس تحريرها اوجد مساحة للثقافة والأدب ولكتاب الرأي
- ربما أن العبارات لا توفي بحق هذه الصحيفة وبرئيس تحريرها الأستاذ عبدالله الكناني حتى الأبيات التي كتبتها فيها بمناسبة مرورعام على تأسيسها أرى بأنها قليلة في حق هذا المنبر الإعلامي المميز ولكن مادامت هذه الشخصية المتنورة خلف هذه الصحيفة فثق بأن مستقبلها باهر وما رأيناه ولمسناه من تطور فهو يثلج صدورنا وكان الله في عونه وتوفيقه ويسدد خطاه