الكاتب : النهار
التاريخ: ٠٩:٢٧ ص-٢٤ سبتمبر-٢٠٢٥       3905

بقلم ـ عيسى المزمومي

يُعدّ اليوم الوطني السعودي محطةً خالدةً في ذاكرة الوطن ووجدانه، حيث يستحضر السعوديون في الثالث والعشرين من سبتمبر من كل عام ذكرى التوحيد العظيم على يد الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود – طيب الله ثراه – الذي أرسى دعائم الأمن والوحدة، وأطلق مسيرة نهضة لا تنقطع! 

تبدأ القصة من لحظة استعادة الرياض عام 1902م، تلك الشرارة التي أضاءت درب الكفاح، لتتوالى بعدها ثلاثة عقود من العمل الدؤوب والتضحيات الجسيمة، حتى أعلن الملك المؤسس، في الثالث والعشرين من سبتمبر 1932م، ميلاد المملكة العربية السعودية. ومنذ ذلك اليوم، انطلقت مرحلة جديدة من الاستقرار والبناء، ومسيرة إنجاز متجددة.

ظل هذا اليوم محفورًا في الذاكرة الوطنية حتى جُعل رسميًا يومًا وطنيًا عام 1965م، ثم أضاف الملك عبدالله بن عبدالعزيز – رحمه الله – بُعدًا إنسانيًا وتاريخيًا بإصداره قرارًا بجعله إجازة رسمية مدفوعة الأجر عام 2005م، ليغدو رمزًا للاعتزاز بالوطن والانتماء إليه.

اليوم الوطني ليس مجرد مناسبة احتفالية، بل هو لحظة فلسفية للتأمل في معنى الهوية الوطنية؛ يومٌ يعيدنا إلى الجذور، حيث تتجسد قيمة الانتماء ويتجدد عهد الولاء. إنه ذكرى تُذكّرنا بأن بناء الأوطان لم يكن طريقًا مفروشًا بالورود، بل كان نتاج صبرٍ وكفاحٍ ورؤية بعيدة المدى. لذلك، تتزيّن المدن بالأضواء الخضراء، وتنطلق العروض الجوية والألعاب النارية، وتُقام الفعاليات الثقافية والفنية التي تعكس ثراء المملكة وأصالتها، في لوحةٍ وطنية تجمع بين الفرح والتأمل، بين الفخر والحلم.

كما يُمثّل اليوم الوطني فرصةً لتعزيز التلاحم الاجتماعي وتحفيز النشاط الاقتصادي؛ حيث تشهد الأسواق والمطاعم والمتاجر حراكًا استثنائيًا، وتزدهر السياحة الداخلية، فتغدو المدن ساحات نابضة بالحياة تجسّد وحدة المجتمع وتماسكه.

هذا العام، يطلّ اليوم الوطني السعودي الخامس والتسعون يوم الثلاثاء 23 سبتمبر 2025م، ليجدد في القلوب شعلة الفخر والانتماء. ويؤكد السعوديون من خلاله التزامهم بمسيرة العطاء التي يقودها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان – حفظهما الله – في رحلة التحول والتمكين وبناء المستقبل.

إن اليوم الوطني ليس مجرد ذكرى تاريخية، بل هو فلسفة وطنية عميقة: أساسها الوحدة، وجوهرها الأصالة، ورسالتها مستقبل مشرق. إنه يومٌ يذكّرنا أن الأوطان لا تُبنى بالأحجار فحسب، بل بالعزائم والوفاء، وبحلمٍ يتوارثه جيلٌ بعد جيل. وفيه يجدد أبناء الوطن العهد بأن تبقى الراية عالية، والرسالة خالدة، والطموح ممتدًا إلى ما وراء الأفق!

معلومات عن الكاتب: باحث ماجستير في العلاقات العامة والإعلام