يُعقد المؤتمر تحت رئاسة مشتركة من المملكة العربية السعودية وفرنسا ويستمر حتى يوم الأربعاء 30 تموز/يوليو. في هذا التقرير تغطية شاملة لمجريات المؤتمر.
رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة فيليمون يانغ قال إن الفظائع في غزة ودورة العنف اللا نهائية بين إسرائيل وفلسطين تبين بجلاء أننا لا يمكننا الاستمرار على هذا النحو. وأوضح أن هذا المؤتمر مطلوب اليوم أكثر من أي وقت مضى، "ويجب أن يؤدي إلى تغيير حاسم في الاتجاه".
وحذر من أننا "إذا لم نعالج الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني بصورة نهائية من خلال حل الدولتين، فلن نتمكن من تحقيق سلام واستقرار دائمين في فلسطين وفي الشرق الأوسط. هذا هو السبب الذي من أجله اجتمعنا هنا اليوم. وهذا هو السبب الذي يجب أن يجعل هذا المؤتمر ناجحا، وهذا هو السبب الذي ينبغي أن يجعل هذا المؤتمر يرسم مسارا لا رجعة فيه نحو تنفيذ حل الدولتين. ببساطة، لا يمكننا تحمل المزيد من الأعذار والتأخير. يجب أن نتحرك الآن".
واختتم حديثه بالقول: "يجب أن نستعيد الأمل والثقة – الأمل في أن مستقبل أفضل ممكن، والثقة في الأمم المتحدة والتزامنا تجاه شعبي فلسطين وإسرائيل".
قال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش إن قيام دولة فلسطينية "حق، وليس مكافأة"، محذرا من أن إنكار هذا الحق "سيكون هدية للمتطرفين في كل مكان".
وفي قاعة الجمعية العامة جدد الأمين العام التأكيد على أن حل الدولتين هو الحل الواقعي، العادل، والمستدام الوحيد.
وتابع قائلا: "لنتحدث بصراحة. لعقود، كانت دبلوماسية الشرق الأوسط مجرد عملية أكثر منها سلاما. الكلمات، الخطابات، الإعلانات قد لا تحمل الكثير من المعنى لأولئك الموجودين على الأرض. لقد رأوا وسمعوا ذلك من قبل. في غضون ذلك، يستمر الدمار والضم".
ما البديل؟
السيد أنطونيو غوتيريش قال إن العبء والالتزام يقعان علينا جميعا لإثبات أن هذا الجهد (المؤتمر) مختلف. ووجه سؤالا لمن يعارضون حل الدولتين، قائلا:
"ما هو البديل؟ هل هو واقع دولة واحدة يُحرم فيه الفلسطينيون من حقوق متساوية، ويُجبرون على العيش تحت احتلال دائم وعدم مساواة؟ أم هو واقع دولة واحدة يُطرد فيه الفلسطينيون من أرضهم".
وأكد الأمين العام أن هذا "ليس سلاما ولا عدلا ولا يتفق مع القانون الدولي وهو غير مقبول"، محذرا من أن ذلك لن يؤدي سوى إلى زيادة عزلة إسرائيل المتنامية على الساحة العالمية.
الوقت ينفد
الأمين العام نبه إلى أن الوقت ينفد، محذرا من أنه مع كل يوم يمر، تتلاشى الثقة. تضعف المؤسسات. وتتبدد الآمال. ولهذا السبب، ناشد الأمين العام المجتمع الدولي ليس الحفاظ على حل الدولتين حيا فحسب – بل اتخاذ خطوات عاجلة، ملموسة، لا رجعة فيها لجعله حقيقة واقعة.
وهذا يعني، وفقا للأمين العام: "الوقف الفوري للعنف ولأنشطة الضم والاستيطان، كما دعت إليه محكمة العدل الدولية. رفض التهجير القسري للسكان الفلسطينيين من أي جزء من الأرض الفلسطينية المحتلة... رفض أي شكل من أشكال التطهير العرقي. ضمان المساءلة الكاملة عن أي جرائم فظيعة وانتهاكات أخرى للقانون الدولي. استعادة حوار سياسي ذي مصداقية. وإعادة تأكيد الحقوق المتساوية والكرامة لكلا الشعبين".
وأكد أنطونيو غوتيريش أن كل هذا يتطلب شجاعة من القادة على الأرض، وشجاعة من المجتمع الدولي للتحرك بمبدأ ومثابرة. بدءا من غزة.
بعد اختتام الجزء الصباحي من المؤتمر، اُفتتحت أعماله في قاعة الجمعية العامة للأمم المتحدة حيث يلقي الأمين العام كلمة بالإضافة إلى نحو 120 مسؤولا ومندوبا (قائمة المتحدثين).
ويُختتم المؤتمر يوم الأربعاء 30 تموز/يوليو.
أحد المتحدثين الرئيسيين في المؤتمر كان الأمير زيد بن رعد الحسين المفوض السامي السابق للأمم المتحدة لحقوق الإنسان. في مستهل كلمته تساءل عن كيفية الانتقال من الأنقاض إلى التجديد بدون رؤية قوية وذات مصداقية عن معنى التجديد.
وشدد على ضرورة أن يكون حل الدولتين عمليا لحشد التأييد له. ودعا المجتمع الدولي إلى التأكيد على دعم هذا الحل ليس كمبدأ مجرد وإنما عبر التزامات سياسية محددة بما في ذلك لإنهاء الاحتلال ووجود حدود تستند إلى خطوط عام 1967 ودولة فلسطينية ذات سيادة ومتصلة جغرافيا.
وقال إن أي شيء أقل من ذلك سيُبقي الاعتراف بفلسطين رمزيا، ولن يغير حياة الفلسطينيين أو يحدث تقدما نحو حق تقرير المصير.
ماري روبنسون رئيسة أيرلندا السابقة، والمفوضة السابقة للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، شاركت في المؤتمر حيث ألقت الكلمة الرئيسية حول القانون والشرعية ومسيرة السلام.
روبنسون قالت إنها تتحدث بصفتها عضوا في مجلس الحكماء، وهو مجموعة قيادات مستقلة أسسها الزعيم الجنوب أفريقي نيلسون مانديلا عام 2007. وذكرت أن المجلس منذ إنشائه عمل على المساهمة في التسوية السلمية العادلة للنزاع الفلسطيني الإسرائيلي.
وأعربت عن شعورها بالغضب واليأس ومشاطرتها للكثيرين حول العالم الذين يشعرون بقلة الحيلة أمام "الفظائع المرتكبة في غزة".
وقالت إن الاحتلال والعنف وصلا إلى أعماق جديدة من اللاإنسانية خلال العامين المنصرمين منذ الهجمات المروعة التي ارتكبتها حماس في 7 تشرين الأول/أكتوبر وأخذ الرهائن الإسرائيليين إلى "العقاب الجماعي من إسرائيل للفلسطينيين في غزة".
وقالت إن المعايير الدولية تنتهك علنا، وشددت على ضرورة أن يكون هذا المؤتمر نقطة تحول نحو مستقبل مختلف.
وخاطبت المشاركين في المؤتمر قائلة إن لديهم السلطة وعليهم المسؤولية، باعتبارهم صناع قرار سياسيين، للضغط من أجل تغيير المسار. وأضافت أن الأوان قد آن للعمل الجماعي بدءا بالاعتراف بدولة فلسطين.
وقبيل ختام الجزء الأول من الجلسة الافتتاحية للمؤتمر دعا وزير الخارجية الفرنسي الحضور إلى الوقوف دقيقة صمت تكريما لضحايا المآسي التي وقعت في المنطقة منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023.
رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى قال إن هذا المؤتمر يحمل وعدا وتعهدا للشعب الفلسطيني بأن "الظلم التاريخي" الذي لحق بهم يجب أن ينتهي وأن ما يحدث في غزة هو "أحدث وأوحش تجلياته، ونحن جميعا مدعوون أكثر من أي وقت مضى للتحرك".
وأضاف أن هذا المؤتمر هو رسالة للشعب الفلسطيني بأن العالم "يدعمنا في تحقيق حقوقنا في الحياة والحرية والكرامة وأرضنا، وحقنا في دولتنا ذات السيادة". وقال إن المؤتمر هو أيضا رسالة للإسرائيليين مفادها أن هناك طريقا للسلام والتكامل الإقليمي.
وتابع: "سيتحقق ذلك من خلال استقلالنا لا دمارنا، ومن خلال تحقيق حقوقنا لا استمرار إنكارها، وأن الفلسطينيين ليس محكوما عليهم بالاحتلال والنفي الأبدي، وأن الفلسطينيين والإسرائيليين ليس محكوما عليهم بحرب أبدية، وأن هناك طريقا آخر - طريقا أفضل يؤدي إلى سلام مشترك وأمن مشترك وازدهار مشترك في منطقتنا، ليس لأحد على حساب الآخر، بل للجميع".
في كلمته الافتتاحية قال وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو: "بعد 80 عاما من تأسيس الأمم المتحدة لا يمكننا قبول استهداف المدنيين، النساء والأطفال، عندما يتوجهون إلى مواقع توزيع المساعدات. هذا أمر غير مقبول".
وقال إن المشاركة الواسعة في المؤتمر تؤكد الإجماع والحشد من المجتمع الدولي حول نداء وقف الحرب في غزة. وشدد على ضرورة أن يكون المؤتمر نقطة تحول لتطبيق حل الدولتين.
وأضاف: "يجب أن نعمل على مسار سبل الانطلاق من إنهاء الحرب في غزة إلى إنهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، في وقت تعرض فيه هذه الحرب أمن واستقرار المنطقة بأسرها للخطر".
وقال إن تحقيق ذلك يتطلب تنفيذ حل الدولتين الذي يلبي التطلعات المشروعة لكل من الفلسطينيين والإسرائيليين للعيش في سلام وأمن، مؤكدا عدم وجود بديل لذلك.
وأضاف أن مؤتمر نيويورك قد بدأ زخما غير مسبوق لا يمكن وقفه نحو حل سياسي في الشرق الأوسط.
وأشار إلى الجهود الدبلوماسية المتعلقة بالاعتراف بدولة فلسطين، والتطبيع والتكامل الإقليمي لإسرائيل، إصلاح إدارة الحكم الفلسطيني، ونزع سلاح حماس.
وفي وجه استمرار الحرب والمأساة الإنسانية في غزة، قال وزير خارجية فرنسا: "عبر هذا المؤتمر نطلق نداء جماعيا للعمل. هذه الحرب استمرت لأكثر مما ينبغي ويجب أن تتوقف. يجب أن تصمت الأسلحة وتتيح المجال لوقف فوري ودائم لإطلاق النار".
وشدد على ضرورة الإفراج فورا وبدون شروط وبكرامة عن جميع الرهائن، ووقف معاناة المدنيين في غزة.
أكد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش أن حل الدولتين هو المسار الوحيد الموثوق به لتحقيق سلام عادل ودائم بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وهو "الشرط الأساسي" للسلام في الشرق الأوسط الأوسع.
لكن الأمين العام حذر من أننا "وصلنا إلى نقطة الانهيار" وأن هذا الحل "أبعد من أي وقت مضى".
الأمين العام كان يتحدث في الجلسة الصباحية للمؤتمر الدولي رفيع المستوى الذي تنظمه فرنسا والمملكة العربية السعودية.
وشكر غوتيريش الدولتين المُنظمتين، مشددا على أن الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني- الذي استمر لأجيال وتحدى الآمال والدبلوماسية والقانون الدولي- لا يزال يحصد الأرواح ويدمر المستقبل ويزعزع استقرار المنطقة والعالم. وأكد أن استمرار هذا الصراع ليس حتميا، وأن حله ممكن إذا توفرت إرادة سياسية وقيادة شجاعة.
فرصة نادرة
الأمين العام دعا إلى بذل مزيد من الجهود لتحقيق حل الدولتين، معتبرا مؤتمر اليوم "فرصة نادرة ولا غنى عنها" يجب أن تكون "نقطة تحول حاسمة" تحفز تقدما لا رجعة فيه نحو إنهاء الاحتلال، وتحقيق طموحنا المشترك في حل دولتين تتوفر له مقومات البقاء.
وأضاف: "يجب أن نضمن ألا يصبح (المؤتمر) مجرد تمرين آخر في الخطاب حسن النية".
وأكد أنطونيو غوتيريش أن حل الدولتين هو الإطار الوحيد المتجذر في القانون الدولي، والذي يدعمه المجتمع الدولي، وينص على قيام دولتين مستقلتين، إسرائيل وفلسطين، تعيشان جنبا إلى جنب في سلام وأمن، ضمن حدود آمنة ومعترف بها على أساس خطوط ما قبل عام 1967، مع القدس عاصمة للدولتين، بما يتماشى مع القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة والاتفاقيات الأخرى ذات الصلة.
"تدمير يتكشف أمام أعين العالم"
الأمين العام قال إنه ما من شيء يبرر الهجمات الإرهابية المروعة التي شنتها حماس في 7 تشرين الأول/أكتوبر واحتجاز الرهائن"، مؤكدا في الوقت ذاته أن شيئا لا يمكن أن يبرر "تدمير غزة الذي يتكشف أمام أعين العالم".
وسلط الضوء على الأوضاع المأساوية، بما في ذلك "تجويع السكان، ومقتل عشرات الآلاف من المدنيين، وتفتيت الأرض الفلسطينية المحتلة".
وشدد الأمين العام على أن "التدمير الشامل" لغزة لا يُحتمل ويجب أن يتوقف، وأن "الإجراءات الأحادية التي من شأنها أن تقوض حل الدولتين إلى الأبد غير مقبولة ويجب أن تتوقف".
كما أشار إلى غوتيريش إلى دعم الكنيست لضم الضفة الغربية المحتلة، مؤكدا بوضوح أن "الضم الزاحف للضفة الغربية المحتلة غير قانوني ويجب أن يتوقف".
ووصف الأمين العام هذه الأحداث بأنها ليست معزولة، بل "جزء من واقع منهجي يعمل على تفكيك لبنات السلام في الشرق الأوسط".
وزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان آل سعود قال إن المؤتمر يشكل محطة مفصلية نحو تفعيل حل الدولتين وإنهاء الاحتلال وتجسيد رؤية عادلة ومستدامة للسلام في الشرق الأوسط.
وأشاد بإعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عزم بلاده الاعتراف بدولة فلسطين، وقال إن ذلك خطوة تاريخية تعكس تنامي الدعم الدولي لحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة.
وأكد أن السعودية تؤمن بأن تحقيق الأمن والاستقرار والازدهار لجميع شعوب المنطقة يبدأ بإنصاف الشعب الفلسطيني وتمكينه من نيل حقوقه المشروعة وفي مقدمتها إقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من حزيران/يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
وقال إن الدولة الفلسطينية المستقلة هي مفتاح السلام الحقيقي في المنطقة.
وتحدث عن الدعم الفوري والمتواصل المقدم من المملكة العربية السعودية "منذ بدء الأزمة الإنسانية الكارثية في قطاع غزة والتصعيد الخطير في الضفة الغربية".
وشدد على ضرورة الوقف الفوري للكارثة الإنسانية الناجمة عن "الحرب والانتهاكات الإسرائيلية الجسيمة" ومحاسبة المسؤولين عنها وإنهاء سياسة الإفلات من العقاب.
وأضاف أن مبادرة السلام العربية المعتمدة في قمة بيروت عام 2002 هي أساس جامع لأي حل عادل وشامل، وأكد أهمية دعم التحالف العالمي لتنفيذ حل الدولتين كإطار عملي لمتابعة مخرجات هذا المؤتمر وتنسيق الجهود الدولية نحو خطوات واضحة محددة زمنيا لإنهاء الاحتلال وتجسيد الدولة الفلسطينية.
ودعا وزير الخارجية السعودي جميع الدول إلى الانضمام إلى الوثيقة الختامية للمؤتمر التي قال إنها تشكل خارطة طريق مشتركة نحو تنفيذ حل الدولتين ومواجهة محاولات تقويضه وحماية فرص السلام الذي لا يزال ممكنا إذا توفرت الإرادة.