الكاتب : النهار
التاريخ: ١٢:٣٥ م-٢١ ابريل-٢٠٢٤       19470

المحرر الثقافي محمد الحارثي

منذ ماينيف عن السبعة عقود والشعب الفلسطيني يعيش مأساة كبيرة من ظلم وإضطهاد وتقتيل وتنكيل وتجويع وتركيع من عدو غاشم وحشي عديم الإنسانية محتل لأرضة والشعر يقف شاهداً وعاجزاً أمام هذه المأساة التي لم يشهدها شعب من شعوب الأرض فأنتهى زمن الإستعمار والإستكبار والإستعلاء بالتحرر ماعدا هذا الشعب وأرضه ومازال يدفع ثمن حياته من هذه الأيدلوجيات لتيارات الإسلام السياسي ومغامراتها بالإيعاز من الذين يريدون تصفية حساباتهم مع الكيان الصهيوني على حساب هذا الشعب المغلوب على أمره فماذا فعل لهم هذا الذي يمنيهم بأنه سوف يدمر إسرائيل فقط بيانات تصدر بين الحين والأخر للإستهلاك السياسي فأنقضى زمن التيارات القومجية واليسارية والشوعية ببصمتها العربية وأتت هذه التيارات الأفضع بأي ذنب يقتل ما يزيد عن الخمسة وثلاثين الف نفس فلسطينية من نساء واطفال وكبار السن وشباب في عمر الزهور بنهج عسكري همجي ممنهج بإتباع سياسة الأرض المحروقة لايسلم منها بشر ولاحجر ولا شجر فكتب  نزار قباني  قصيدة "القدس" من ستينيات القرن الماضي ومنذ ذلك الزمان وهؤلاء الهمج الصهاينة لم يوقفو عدوانهم على هذا الشعب الأعزل فيسأل الشاعر الأحرار "من يوقف العدوان؟" ومازالت هذه القصيدة تنبئ بهمجية هذا المحتل حتى يتحقق لهذا الشعب حريته ليستنشقها كما باقي شعوب الأرض فأختزل نزار أرض فلسطين بمدينة القدس زهرة المدائن كما تغنت بها فيروز فأستعرض في هذا النص تاريخ هذه المدينة التي مر بها التاريخ وخلد كل حكاياتها المقدسة وطهرها ومع هذه المأساة التي تعيشها هذه المدينة المرتهنة بيد هؤلاء "المارون" كما قال محمود درويش في قصيدته "أيها المارون بين الكلمات العابرة! " "وطن ينزف وشعب ينزف" لكن نزار يخبرنا بهذه القصيدة بأنه متفائل وإن الأمل يبزغ نوره من الليل الحالك السواد حين يقول في هذا النص: غداً.. غداً.. سيزهر الليمون - وتفرح السنابل الخضراء والزيتون وتضحك العيون.. ليأخذنا بهذا النص من المأساة وطُهر المكان وقدسيته والتشبث بالأمل يقول نزار مخاطباً هذه المدينة المقدسة:

يا قدس، يا منارة الشرائع
يا طفلةً جميلةً محروقة الأصابع
حزينةٌ عيناك، يا مدينة البتول
يا واحةً ظليلةً مر بها الرسول
حزينةٌ حجارة الشوارع
حزينةٌ مآذن الجوامع
يا قدس، يا جميلةً تلتف بالسواد
من يقرع الأجراس في كنيسة القيامة؟
صبيحة الآحاد..
من يحمل الألعاب للأولاد؟
في ليلة الميلاد..
يا قدس، يا مدينة الأحزان
يا دمعةً كبيرةً تجول في الأجفان
من يوقف العدوان؟
عليك، يا لؤلؤة الأديان
من يغسل الدماء عن حجارة الجدران؟
من ينقذ الإنجيل؟
من ينقذ القرآن؟
من ينقذ المسيح ممن قتلوا المسيح؟
من ينقذ الإنسان؟
يا قدس.. يا مدينتي
يا قدس.. يا حبيبتي
غداً.. غداً.. سيزهر الليمون
وتفرح السنابل الخضراء والزيتون
وتضحك العيون..
وترجع الحمائم المهاجرة..
إلى السقوف الطاهره
ويرجع الأطفال يلعبون
ويلتقي الآباء والبنون
على رباك الزاهرة..
يا بلدي..
يا بلد السلام والزيتون