الكاتب : النهار
التاريخ: ٠٩:٣٩ ص-٠٥ مارس-٢٠٢٤       207515

المحرر الثقافي محمد الحارثي

أقيمت إحتفالية بيوم التأسيس لهذا الوطن الغالي يوم الأحد الماضي الثالث من شهر مارس الجاري على مسرح مركز "انا كيان" المجهز بكل أجهزة العرض المرئي والسمعي من خلال شاشات كبيرة بجنبات قاعة المسرح فكانت ضمن فقرات هذا الحفل المتعددة والمميزة هي فقرة المسرحية والتي قامت بتأليفها ووضع السيناريو لها وإخراجها الأستاذة علياء العتيبي المتخصصة في الأدب المسرحي وهي من بنات الوطن اللاتي اقتحمن هذا المجال وهي على خطى الكاتبة المسرحية الدكتوره ملحه عبدالله وهي من أوائل السعوديات والذي كان نادر تجد متخصصة فيه وعودا على بدء نجد مسرحية الأستاذة علياء تحكي عن قصة تأسيس هذا الوطن الشامخ قبل ثلاثة قرون وأحسنت إختيار عنوان للنص المسرحي والذي عنوانه "حكاية جدتي موضي" مستلهمة الإسم من البيئة النجدية والذي يعتبر من الأسماء الجميلة والشائعة وأسماء أخرى لشخوص هذه المسرحية نجدها في النص وكانت جدارية خشبة المسرح مستوحاة من الطراز المعماري النجدي القديم والبسيط عبارة عن جدار من الطين وعليه الجريد المشتق من النخل ووضعت بجانبيها بئر من الحجر والقربة مع الدلو معلقه على خشبة ترمز للحياة البدائية آنذاك بنجد بداية تأسيس هذه الدولة الفتية في الحقيقة أبدعت الكاتبة في تصوير البيئة القديمة وكانت مسرحية "حكاية جدتي موضي" تناولتها الكاتبة على عدة مشاهد لتلتقط وتصور لنا الحياة الإجتماعية في تلك الحقبة فاستخدمت ادواتها التي تحاكي تلك البيئة وفي مشهد للأطفال يمرحون مع بعضهم ببعض الألعاب البدائية المتوفرة لديهم للتسلية ومنها لعبة "طاق طاقية" الأشهر فكانت بعدة صور للبيئة بنجد وبالحجاز لعبة "البربر" وهي الأشهر وكان هناك مشهد يجسد فيه نظام التعليم القديم ومايطلق عليه بالكتاتيب المطوع يعلم الصغار أبجديات الكتابة على الألواح وهم جلوس على الأرض وفي مشهد اخر لصاحب دكان كما يطلق عليه بهذا الإسم قديماً ويوجد إمرأة تتجول بالدكان لتشتري منه زي نسائي قديم وفي مشهد للطفلة جهير وأمها مزنه في الحوار التالي في هذا النص البديع :

"وتطلع على خشبة المسرح الأم مزنة وتنادي: يا جهير يابنتي يا جهير

وترد جهير وتقول: لبيه يايمه

مزنة: تعالي خذي هالجريش والهريس، وديه لجدتك موضي وقوليلها؛ أمي تسلم عليكِ وتقول عليكِ بالعافية، لا تنسين تقولين لها أن اليوم موعد الحكاية الأسبوعية وأنها قالت لنا الأسبوع اللي راح راح تكون الحكاية عن مؤسس الدولة السعودية الأولى.

جهير: حاضر يا أمي

ثم تذهب جهير بالطبق وسط المسرح وتدخل الجدة موضي؛ وهي لابسة نظارات وشرشف احمر منقط وعاصبة راسها برباط وتتوكأ ع عصا.

  رحمة بصوت مرتفع : ، جات جات

يجتمع الأولاد والبنات حول رحمة ويقولون: من اللي جات جات

تقول: ومن غيرها اللي تحكينا الحكايات

وتذكرنا بماضينا وتعلمنا بحاضرنا.

يقولون: جدتنا موضي... جدتنا موضي

رحمة: صحيح

ثم تدخل عليهم الجدة وهيه تتوكأ على العصا

الجدة موضي :يا ابنائي ويا بناتي ، يا نور عيوني ويا حياتي

 نحن الماضي وانتوا الآتي

 محمد: يا جدة يا جدة !!

 قلتي لنا راح تحكيلنا عن مؤسس الدولة السعودية الأولى، تذكرتي؟

الجدة موضي: أكيد أكيد يا بنتي أو ياولدي

خلونا نجلس ونبدأ نحكي وتتجه الجدة الى زاوية من المسرح وهذه الكاتبة المبدعة جعلت من شخوص القصة يتمحورون في الجدة موضي العجوز الحكاواتية وبعصاها التي تتوكأ عليها ويتحلقون حولها الأطفال ليسمعوا منها الحكايات وهذه من العادات القديمة والتراث التي كانت الجدة تسرد فيه القصص لأحفادها حين يتهيئوون ليخلدون للنوم وكان مشهد الجدة موضي وهي تسرد عليهم قصة هذا الكيان كيف تأسس قبل ثلاثة قرون لترسيخ أهمية ولادة هذا الوطن العظيم وهم مشدودين لسماع هذه القصة المهمة وجعلتهم منجذبين لجدتهم موضي فاستهلتها بقولها للمقدمة المعتادة في سماع القصص زمان: " كان يا مكان قبل مدة من الزمن ، أسس الدولة السعودية الأولى إمام، اسمه محمد بن سعود، وحارب البدع والضلال، وقاتل الجهل والجهلاء. وتتوقف الجدة عن السرد ( يعرض في شاشة العرض مقطع مرئي للفرسان وفوقها رجال بسيوف يتكلم عن محمد الإمام ) وتكمل الجدة: لولاه كان أيامهم سود وهزال واشرقت شمس الدولة بالحق. وإنتشرالامن والأمان وعم السلام وصار اهل الدرعية اسرة واحدة. واصبح الإمام الراعي محبوب عند الرعية لأنه كان حنون على الضعفاء من الأرامل والأيتام والمساكين ويدافع عن الحق ويعطي كل ذي حقًا حقه.

يتبدل الزمن غير الزمن على الشاشة وتكمل الجدة (عهد جديد ) وتوارث أبنائه من بعده الحكم وجيل بعد جيل الى أن وصلنا إلى العهد الجديد عهد الملوك الحازمين الطيبين المخلصين الموحدين الملك سلمان وابنه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان حفظهم الله"

وفي مشهد عفوي رفعت الجدة موضي بيدينها للسماء وتقول للأطفال "والأن يا أبنائي نرفع كفوفنا بالدعاء لهذا الوطن وحكامه ويرفعون أيديهم الأطفال والجدة اللهم احفظ بلادي وحكامها من كل سوء.

وفي مشهد اخر وضعت هذا المشهد الحاضر يحكي الماضي من خلال الطفلة جهير حين كانت تستمع لحكاية جدتها فصورت المشهد بدقة وعناية وفيه عنصر المفاجأة والتحول العظيم لهذه الدولة خلال ثلاثمائة سنة من خلال الشاهدة على هذا التحول جهير لتسرد لنا الكاتبة بأسلوبها المتسلسل للسرد التاريخي حين صورت المشهد من خلال الحوار التالي: " تدخل جهير وقد كبرت وصارت فتاة في العشرين من عمرها وتنظر إلى مكان الجدة والأولاد وتتذكر لما كانت طفلة

جهير: الله يرحمك ياجدة عشنا في امن وامان مثل ما قلتي لنا وإحنا اليوم نعيش إنجازات متوالية في جميع المجالات وتطورت بلادنا واصبحت في مقدمة دول العالم وفي نهاية جميلة للكاتبة والمخرجة لهذه المسرحية أسدل الستار عن نهاية هذه الحبكة والمشهد الدرامي تم إطفاء الضوء على المسرح ليخرج الأطفال وتظهر الشاشة العملاقة أسماء أبطال المسرحية وإسم الكاتبة والمخرجة على إيقاع أغنية راشد الماجد الشهيرة "الله ياوقت مضى لو هو بيدينا ما يروح" في إختيار متناغم ومنسجم مع حبكة القصة المسرحية.