
















حاورها المحرر الثقافي محمد الحارثي
استاذه ريهام ماذا يعني لك الأدبين الإنجليزي وهو تخصصك والعربي وأنت القارئه له وأيهما أكثر ثراء وقيمة ؟
بعباره واحده: الأدب أسلوب حياه. هو أشبه بتذكره للتنقل بلا حدود و من خلال الاعمال الادبيه الى مناطق مذهله ومراكز خلابه من الجمال الكوني. كيف لا ؟ وعمل روائي واحد أحدث هزه ريختاريه في دماغي أدخلته في ملحمةمصيريه بين مسار طب الاسنان و مسار الادب . ثم تختار نفسي في نهاية المطاف ما يُغذي القلب والروح من ينبوع فياض المشاعر اسمه ... الادب!
ولان الادب مراه للتاريخ, كنت مولعه بالتطور التاريخي والادبي للحضارة الأوروبية عامه والإنجليزية خاصه . كما أسرت قلبي فترات مثل الحقبة الاليزابيثيه و الريجنسيه والفكتوريه. فقررت من خلال ملهمتي الأدبية الاولى الروائيةجين أوستن ان أُسبر مسيرتي العلمية في اغوار الادب الانجليزي محتكره- ولمده عشر سنوات- القراءة فقط في الاعمال الأدبية الإنجليزية والأوروبية.
ثم جاء فايروس كورونا عام 2020 واعلنت منظمه الصحةالعالمية ان كوقيد 19 هو وباء العصر. ولكن وفي المقابل, تُعلن مكتبتي الخاصه اثناء فترة الحظر ان الشيخ والمبشر كورونا اتى ليٌعيد الروح داخل ثلاجه كتب الادب الانجليزي امام الادب الحقيقي الا وهو الادب العربي.
فهل من الانصاف مقارنه جاذبيه السمراوات غُداف الشعر بشحوب الشقراوات؟
تلك هي المفارقة بين الادب العربي والادب الانجليزي من وجهه نظري
بالطبع اثرى حصيلتي اللغوية والمعرفية في اللغةالإنجليزية. فبدون القراءة المكتفة بالإنجليزية لما تمكنت من كتابه قصيدتي الاولى باللغة الإنجليزية والتي نلت بها جائزه من الاميرة عادله ال سعود- حفظها الله- بملتقى أدبي عام 2014
بدون شك , الادب يُثري اللغة التي يُقرا به
كتابك هو أشبه بسيرة ذاتية والملاحظ على أسلوبك في الكتابة كثرة استخدامك للمصطلحات الإنجليزية واللهجة العامية الا ترين بأن هذا يضعف السرد الأدبي؟
ضعف العمل الادبي- وانا اتحدث هنا عن النثر وبالأخصالرواية- يعتمد على عناصر كثيره جدا. اما بالنسبة للسرد الروائي, فلابد وان يقترن مع عنصر اخر وهو الوصف لان الموازنة مابين السرد والوصف هو ما يحقق المعادلة لنجاح ايقاع العمل الروائي مهما كان حجم العمل و طول صفحاته.
وانا كاتبه ولست بروائية ولو كنت كذلك فلا أمانع من استخدام القليل من مسحوق السكر ( العامية) على الكعكةلأغراض تخدم سياق النص كما فعلها العديد من الادباء أمثال القصيبي, الحكيم, نجيب ورضوى عاشور وغيرهم من نخبة الادب.
هل تعتقدين بأن الرواية في الغرب مازال لها تأثير لتحدث تغيير في مجتمعاتهم كما كانت عليه في القرن التاسع عشر وإذا أخذنا مثال الروائي تشارلز ديكنز وما احدثه من تغيير لنقده وتصويرة للحياة البائسة بمجتمعه ام إنه إنتفى تأثير الرواية؟
ارى ان الرواية الغربيه بدأت تنحدر أخلاقياً لدرجة انك أصبحت تخجل من قراءه الاعمال بمفردك فما بالك بمناقشتها في مجالس ادبيه؟ في رأي الشخصي, ان هذا الهبوط الاخلاقي فيما يتعلق بمواضيع الروايات المعاصرةبدأ منذ ستينات القرن الماضي تحديدا بعد الثوره الجنسية. واما بالنسبة لوقتنا الحالي حيث عصر السرعة والسعي المستميت لكسب الشهرة وبمساعدة منصات التواصل الاجتماعي, فقد اصبحت المادة الجنسية الأخلاقية هي للأسف السبب الذي يضع الروايات الغربيه في قائمه الاعلى مبيعا في الاسواق والمكتبات.
فلو كان الاديب تشارليز ديكنز بيننا هذه الايام لقال مثلما قال شوقي مع القليل من التحريف
واذا أُصيب القوم في أدبهم فأقم عليهم مأتماً وعويلا
فالعزاء للأدب الغربي المعاصر حتى ينهض من جديد.
في محاضرة لك عن أدب المسرحيات وتوفيق الحكيم انموذج ذكرتي بأن الكاتب المسرحي توفيق الحكيم كان له الريادة في ابتكار المسرح الذهني أو الافتراضي للقارئ هل تعتقدين بأن المسرح الذهني أقوى تأثير من الواقعي؟
وهل تعتقد ان مشاهده فلم سينمائي اقوى تأثيراً من قراءه حكاية الفيلم في رواية؟
احدى مقتنياتي من فواصل الكتب ومن باب الدعابة تقولعباره بالإنجليزية Do not Judge a book by its movie
اي لا تحكم على كتاب من فلمه. وفي بعض الحالات النادرة يكون العكس.
اظن انه يعتمد على ذائقه المتلقي والحالة المزاجيه. فالمسرح الذهني ينشأ خشبه المسرح وشخصيات المسرحية داخل ذهن القارئ معتمدا بذلك على قوه الخيال . وأرى ان قراءه المسرحيات الذهنية من أعقد المجالات في القراءة.
اما بالنسبة للمسرح الواقعي فهو بالطبع أشمل في ارضاء الشريحة الاكبر من المتلقين مراعيا اختلاف الأذواق
كتبنا مقال صحفي عن عدم إنصاف جائزة نوبل للغة العربية ممثلة في أدباؤها عبر تاريخ هذه الجائزة الطويل لم يفز بها سوى الروائي نجيب محفوظ علماً بأن هناك عدة أسماء جديره بها ومنهم الكاتب المسرحي توفيق الحكيم حتى أن نجيب محفوظ في أحد لقاءاته التلفزونية تحدث عن أحقية توفيق الحكيم الفوز بها السؤال هل تعتقدين بأن القائمين على الجائزة تجاهلت هذه الأسماء ومنهم الحكيم ما تفسيرك لهذا التجاهل
اعتقد ان السبب كما قال الدكتور مصطفى الفقي يكمن في السياسية و يتعلق بليبرالية نجيب محفوظ و تقبله لفكره التطبيع مع الكيان الصهيوني الغاشم بينما رفض الحكيم وبقوه الانصياع لمعاهدة السلام مع اسرائيل في سبعينيات القرن الماضي.
و جائزة نوبل رغم كونها جائزه تُقدم من أجل الادب, فلا يمكننا نكران حقيقه سيطرة وهيمنه اللوبي الصهيوني على جميع المجالات والذي امتد تجبره وطغيانه حتى تدخل على الادب
أين أنتِ أستاذه ريهام من حركة الترجمة النشطة لدينا في ظل وجود هيئة الأدب والنشر والترجمة والعديد من المترجمين السعوديين؟
اجيب على سؤالك بمقوله للقصيبي من كتابه حياه في الادارة ( الانسان الذي يعرف نقاط ضعفه يملك فرصه حقيقيه في تحويلها الى نقاط قوة)
قوتي الحالية هي الادب وربما أجد نفسي يوما ما مترجمة!
متى نرى للأستاذة ريهام روايات تلامس واقع حياتنا الإجتماعية لاسيما بأن بيئتنا خصبة للأعمال الخلاقة ؟
كما ذكرت سلفا انا لست روائيه وانما كاتبه تعشق قراءه الروايات وهو كما قالت الروائية فيرجينيا وولف هو فن صعب ومعقد جدا يحتاج الى خيال جموح وجرئ.
وايا كان جنس العمل الادبي نثرا كان ام شعرا لابد من التطرق الى القضايا الاجتماعية من اجل تحقيق غايه الادب الا وهي ملامسه مشاعر الاخرين ولكن بطريقه فنيه اسره
كتابك المعنون بالخلاط هو أشبه بسيرة ذاتية خلطي فيه السرد مع الشعر مع واقع ومتخيل والأسطورة مع الخرافة هل ترين بأن القارئ يبحث عن هذا التنوع ؟
في عصر متطلب وسريع التغير, ارى ان ذائقه القارئ اصبحت معرضه للاضطرابات المزاجيه. وخلط كوكتيل من صنوف الادب في كتاب واحد لهو ميزه تروق للقارئ الحالي. ففي هذه الصفحة يقرأ شعرا وفي الصفحة التاليه يقرأ قصه والتي تليها يقرأ سيره ذاتيه وهكذا.
أيهما ترين من وجهة نظرك يفضل القارئ الرواية التي تعكس واقع بيئته ام من نسج الخيال ؟
القارئ الحقيقي يعيش الواقع والخيال في أن واحد. يٌصور زيارته للمكتبة كأنها المطار. يٌحلق مع كتبه الى عالم الخيال تاره و يهبط مع كتبه الى ارض الواقع تارة اخرى. يعلو ويرتقي بالقراءة بحيث انه لو خُير كسؤال مثل الذي طرحته سيجيب لك " كل الكتب تؤدي الى روما"
قرأت لك في كتابك عن بعض القيم التربوية من توجيه وإرشاد للبنت المراهقة وإسداء النصح للأم في كيفية التعامل معها في هذه المرحلة الحساسة وما يطرأ من تغيرات فسيولوجية عليها حتى تكون أكثر نضوجا وهذا توجيه تشكرين عليه ألا تعتقدين أننا بحاجة لإعادة النظر في طرق التربية بالمناهج التعليمية حتى تكون لها أثر في شخصية المراهق/ة لاسيما أن المرحلة التي نعيشها تتطلب ذلك؟
بدون ادنى شك اتفق معك فيما ذكرت جملهً وتفصيلا. واضف على ذلك العبارة الكليشيه المتوارثة عند أغلب العوائل ( جيل ما يعلم بيه الا ربنا) وهذه حقيقه, فالتربية تزداد صعوبة مع كل جيل جديد. وفيما يتعلق بالمواضيع الحساسة والتابلوهات, يٌصبح الموضوع أشبه بالتعامل مع أدق العمليات التجميله. فخطأ واحد في التربية قد يعرضنا الى تشوهات أخلاقية تٌصيب اسم العائلة بورم خبيث في أثمن ما تملكه العوائل العربية الا وهو الشرف.
الامر الذي لا يسمح بتخير مناهج التعليم حق الفسحة في ادراج مثل هذه المواضيع او لا. لابد من اطلاق اجنحه حريه التعبير للطالبات والطلاب. ودائما اقول حصنوا أبنائكم وبناتكم بكثره الاطلاع والقراءة.
قرأت في بعض نصوصك الشعرية نص لقصيدة الرجولة وهاجمتي فيه نوعية من الرجال ونزواته وصفاته السيئة وباستخدامك لألفاظ خادشهللحياء الا ترين بأنه يتناقض مع ماتحثين عليه من غرس القيم التربوية بالتوجيه؟
ان مثلي الاعلى من الادباء العرب هو دكتور غازي القصيبي -رحمه الله- فغازي القصيبي كتب كل ما كان يُحظر التفكير فيه و آثر الكشف عن الحقائق بدلا من الصمت مع القطيعفأطلق سهامه الحبرية بجرأة قلم خُلق في زمن الصحوةوالقسوة . هؤلاء اللذين أباحوا قتل القصيبي لأنه حارب بشرف كتاباته القمع والظلم باسم أشرف الاديان ديننا الحنيف الاسلام.
" وان مضيت ... فقولي: لم يكن بطلا لكنه لم يقبل جبهه العار "
يا رحمهً سكنت روحك... يا فخر الادب السعودي... ما العار الا في الصمت عن قضايا أبكت و أحرقت قلب كل مكسور و مظلوم تجبَر عليه من لم يُراعي الله في حق كرامه الانسان.
ومثل تلك المعارك خاضها الشاعر العظيم نزار قباني حيث أُتهم عٌشاق شعره و معجبيه بقله الحياء والمرؤة. اما الان ولله الحمد ففي زمننا الحالي وفي ظل الدعم اللا محدودمن مملكتنا الحبيبة لفرسان الادب ومن خلال المبادرات المطروحة من الشريك الادبي و تحت مظلة هيئه الادب والنشر والترجمة, أصبح دورنا هو عرض جميع القضاياالتي تلامس المجتمع وابناءه ومهما بلغت جرأه المواضيع لا بد وان يٌقدم الادب بأدب. وفيما يتعلق بقصيدتي " مفهوم الرجولة" فقد كانت تجربه اردت ان أُعبر فيها عن صوت النساء بشجاعة وجرأه مشحونة بعنفوان الصبا علما بأني كتبتها في مرحله العشرينات من عمري وليس على العشريني حرج.
نحن سعدنا بهذا الحوار معكم استاذة ريهام ونشكركم لإتاحة الفرصة لنا وفي ختام حوارنا معكم نطرح عليكم سؤال الصحيفة المعتاد لضيوفنا.
ماذا تودينا أن تقولي لصحيفة النهار السعودية لاسيما أنها تولي الجانب الثقافي من إهتماماتها المتعددة؟
كل الشكر والتقدير لصحيفه النهار السعودية على الدعم و الرقي في التعامل مع ضيوفها الكرام والشكر للصحفي الخلوق الاستاذ محمد الحارثي على هذا اللقاء المثري واتمنى لكم المزيد من التألق والنجاح.

