بقلم - د. يعن الله سعيد الغامدي
يبدو أن منطقة الشرق الأوسط تتجه إلى نظام دولي جديد بعد أن اتسعت دوائر مسارات الصراع في المنطقة فغرقت في وحلها عدد كبير من الأطراف الإقليمية تحت وطأة قوى كبرى ومصالح عليا خلقت أكبر وأشهر مأساة إنسانية في قطاع غزة أفرزت خلفها مجموعة من العوامل المتشابكة التي لا تخلو من فسيفساء عرقية ودينية أدخلت المنطقة في دوامة نزاعات داخلية وتحديات إقليمية من منظورهم الذين يروننا فيه بأننا أمة واحدة وما نحن اليوم إلا ألف أمة !
والحقيقة فإن الأمر لم يعد سرا بأن الولايات المتحدة هي اللاعب الخفي الذي وقف خلف كل صراعات الشرق أوسطية منذ تولت رضاعة ذلك الكيان اليهودي المحتل من عام ٤٨م وبالتالي كانت سببا في كل تلك المتغيرات الظاهرة في سماء وأرض المنطقة إلى أن أصبحت اليوم من أقل مناطق العالم أمنا واستقرارا ومن أكثرها نزوحاً وتهجيرا ٠
ومن المعروف أن ذلك الكيان البغيض لا يستطيع وحده أن يفتح كل تلك الجبهات الحربية في وقت واحد كما يقول المحللون فمعنويات الجيش لديهم تدهورت ومخزونات الأسلحة تقلصت ولولا دعم الولايات المتحدة مادياً ولوجستيا الذي تجاوزوا فيه كل الخطوط الحمراء ودفعوا الأمة إلى تقسيم المنطقة فصنعوا كما يريدون حكومتين في كل من فلسطين واليمن وليبيا والسودان ...الخ
ولا غرابة إذن إذا استغل ذلك الكيان الصهيوني ولاية ترامب الثانية وسياساته المتعارضة والمتضاربة وخاصة تجاة منطقتنا
كان آخرها طلبه من قطر أن تستعد للمفاوضات وهو من أذن على قصف عاصمتها الدوحة فأشغل وسائل الإعلام بكثرة تصاريحه التلفزيونية وجعل من نفسه بطل السلام ولا أحد غيره يستحق جائزة نوبل علما أن ذاك النتنياهو هو الذي جره وجر إمريكا في حروب ظالمة في أفغانستان والعراق واليوم في غزة بعد أن صوروا له بأن حماس جماعة إرهابية لا شرعية لها ويسهل ابتلاعها وما علموا أن تلك الفئة القليلة من الحمساويين يدركون أن النصر لا يأتي إلا بالتضحيات فقدموا خططا عسكرية نادرة في غزة لقنوا اليهود فيها دروساً في حروب الشوارع والمدن لأكثر من عامين لأنهم أهل أرض وأصحاب حق وفعلوا مالم يفعله غيرهم لولا شعورهم بما يشعر به أهلهم في القطاع من قتل وحصار فماذا يفعلون أمام أدوات نتنياهو المسعورة من صهاينة شذاذ الآفاق الذين يستمتعون بعمليات القصف ويتلذذون بتغذيب العزّل السبب الذي جعل العالم كله يقف في كفة والكيان وإمريكا في كفة ومن هناك رأينا ذلك الحراك السياسي في الأمم المتحدة الذي قادته السعودية في مشهد لافت مع بعض أصدقائها نتج عنه اعتراف أربع عشرة دولة من دول العشرين بفلسطين فكانت ردة الفعل الإمريكية مهتزة ورأت نفسها شبه معزولة أمام سياسات ترامب الاستبدادية وغطرسته النرجسية كما يرى المراقبون السياسيون وخاصة حينما برزت تلك التحالفات الإقليمية فسارع ترامب بإعلان بيان السلام بين إسرائيل وحماس بما عرف بخطة ترامب التي لا تزال تقبع تحت سماء البيانات الرسمية والاعترافات الإعلامية وهي تترنح تحت ظغوط موازين قوى مختلفة فاجأت فيه حماس الأوساط السياسية عامة بالموافقة على الخطة بيد أنها تحتاج لبعض الوقت لدراسة تفاصيل بعض بنود الخطة القاسية ! •