الكاتب : النهار
التاريخ: ١٢:٠٥ م-٢٦ سبتمبر-٢٠٢٥       2530

بقلم:عبدالله الكناني 
منذ تأسيس المملكة العربية السعودية ، كانت خدمة الحرمين الشريفين غايتها السامية الأولى، وفي اليوم الوطني للمملكة تتجدد معاني الاعتزاز والفخر بما تحقق لهذا الوطن من منجزات شامخة، ويأتي في مقدمتها الشرف الأعظم الذي حملته بلاد الحرمين منذ نشأتها، وهو خدمة الحرمين الشريفين وضيوف الرحمن من الحجاج والمعتمرين والزوار. 
إنها رسالة سامية امتدت جذورها في التاريخ وأثمرت جهودًا متواصلة جعلت المملكة أنموذجًا فريدًا في الجمع بين أصالة الرسالة الدينية وحداثة الوسائل العصرية.
لقد وضعت المملكة منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود – طيب الله ثراه – خدمة الحرمين الشريفين في صدارة اهتماماتها، وظل هذا النهج متوارثًا حتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان – حفظهما الله – حيث دخلت هذه الجهود مرحلة جديدة أكثر شمولية ضمن إطار رؤية المملكة 2030 التي جعلت خدمة ضيوف الرحمن إحدى ركائزها الرئيسة. 
ويشهد المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف أضخم مشاريع التوسعة والعمارة في التاريخ الإسلامي، بهدف زيادة الطاقة الاستيعابية وتزويدهما بمرافق حديثة تعكس عناية المملكة براحة المصلين والمعتمرين. 
كما شملت الجهود تطوير البنية التحتية في مكة المكرمة والمدينة المنورة والمشاعر المقدسة، من جسور وأنفاق ومسارات جديدة لتسهيل الحركة، إلى جانب شبكات اتصالات متقدمة تضمن تواصلًا فاعلًا في أوقات الذروة.
وتجلّت النقلة النوعية كذلك في مجال النقل من خلال قطار المشاعر السريع وقطار الحرمين، اللذين أسهما في نقل مئات الآلاف من الحجاج بكفاءة عالية، إضافة إلى توسعة المطارات الدولية وفي مقدمتها مطار الملك عبدالعزيز الدولي بجدة، بوابة الحرمين الأولى، ومطار الأمير محمد بن عبدالعزيز بالمدينة المنورة، فضلًا عن تطوير مطار الطائف ليكون منفذًا جديدًا للحجاج.
كما اعتمدت المملكة أنظمة متطورة للإدارة والتنظيم، مثل التصاريح الإلكترونية وخطط التفويج الذكية وتطبيقات الهواتف التي تزود الحجاج بالمعلومات الفورية، إلى جانب إدخال الذكاء الاصطناعي والروبوتات لتقديم خدمات إرشادية وطبية داخل الحرمين. وبرزت مبادرات رائدة على المستوى الدولي مثل مشروع طريق مكة الذي يتيح للحجاج إنهاء إجراءاتهم في بلدانهم قبل وصولهم، إضافة إلى البطاقات الذكية التي يحملها كل حاج، في صورة حضارية ورسالة إنسانية متجددة.
وإلى جانب ذلك، واصلت المملكة جهودها في خدمة الإسلام والمسلمين حول العالم من خلال مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف الذي يوزع ملايين النسخ سنويًا بمختلف التراجم، فضلًا عن تقديم المياه والوجبات المجانية في مواسم الحج ورمضان، وتخصيص مسارات لكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة، بما يجسد قيم التكافل والرحمة في أبهى صورها.
وفي إطار رؤية 2030، جاء برنامج خدمة ضيوف الرحمن ليكون مظلة تنفيذية تسعى إلى إثراء تجربة الحاج والمعتمر والزائر من لحظة وصوله حتى مغادرته، في تكامل بين التخطيط الاستراتيجي والرعاية الإنسانية، بما يعزز مكانة المملكة كقلب العالم الإسلامي وموئل الأمن والإيمان.
إن  اليوم الوطني السعودي الـ95  ليس مجرد ذكرى تاريخية، بل هو مناسبة لتجديد العهد مع هذه الرسالة الخالدة التي تتجاوز حدود الجغرافيا لتصل إلى قلوب المسلمين في شتى بقاع الأرض. فخدمة الحرمين الشريفين وضيوف الرحمن شرف ومسؤولية، والمملكة – أرض العطاء – تؤكد عامًا بعد عام أنها الأقدر على حمل هذه الأمانة العظيمة.