بقلم - نوره محمد بابعير
منذ أن وحّد الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود "طيب الله ثراه " أرجاء هذه البلاد الطاهرة، بدأت رحلة وطنٍ عظيم يُبنى على قيم الوحدة والعزيمة. لم يكن التوحيد مجرد جمعٍ للأرض، بل كان تأسيسًا لنهضة شاملة، انطلقت من خدمة الحرمين الشريفين ورعاية ضيوف الرحمن، ثم امتدت لتشمل بناء المدارس والجامعات والمستشفيات والطرق التي ربطت أطراف الوطن الواسع.
ومع اكتشاف النفط، دخلت المملكة مرحلة جديدة من التنمية، فكانت الثروة نعمة سُخّرت لبناء الإنسان قبل المكان. نما الاقتصاد، وازدهرت الصناعة، وأصبحت المملكة لاعبًا مهمًا على الساحة العالمية، تنضم إلى الأمم المتحدة، وتشارك بفاعلية في المنظمات الدولية، لتثبت حضورها كدولة رائدة في الاستقرار والسياسة والاقتصاد.
ومع توالي العهود، ظل الوطن يسير بخطى ثابتة نحو المستقبل. وفي عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان – حفظهما الله – دخلت المملكة عصرًا جديدًا برؤية وطنية طموحة، رؤية السعودية 2030، التي أعادت تشكيل ملامح المستقبل، وجعلت المملكة تسابق الزمن نحو التطور والإنجاز.
تجلت هذه الرؤية في مشاريع عملاقة تحمل أسماء يعرفها العالم أجمع:
•نيوم.. مدينة المستقبل، حيث الذكاء الاصطناعي والطاقة النظيفة.
•القدية.. عاصمة الترفيه والرياضة والفنون.
•مشروع البحر الأحمر.. الذي يكشف عن سحر الطبيعة السعودية للعالم.
وفي جانب آخر، أظهرت المملكة اهتمامًا عميقًا بالبيئة من خلال مبادرة السعودية الخضراء، التي تسعى لزراعة مليارات الأشجار، وتبني الطاقة المتجددة لضمان مستقبل مستدام للأجيال القادمة.
أما في الصحة والتعليم، فقد شهد الوطن قفزات نوعية، من تطوير الجامعات إلى دعم البحث العلمي، ومن بناء المستشفيات المتقدمة إلى مواجهة جائحة كورونا بحنكة جعلت العالم يشهد بكفاءة المملكة.
ولم يغفل الوطن عن دوره الحضاري والإنساني، فقد استضاف أكبر الفعاليات العالمية، مثل سباقات الفورمولا 1، وكأس العالم للأندية، ويستعد بكل فخر لاحتضان إكسبو 2030 في الرياض.
ولم يكن الجانب الثقافي بعيدًا عن دائرة الاهتمام؛ فقد أولت المملكة تراثها العريق عناية فائقة، فعملت على توسيع دائرة التراث الثقافي بكل أنواعه، من الآثار والمخطوطات إلى الفنون الشعبية والموسيقى والمسرح.
ونجحت في إدراج مواقع سعودية عدة ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو، كما أطلقت مبادرات لتوثيق الفنون والحرف التقليدية، وأقامت مهرجانات ثقافية مثل الجنادرية وموسم الرياض، لتكون الثقافة جسرًا يربط الماضي بالحاضر ويعرّف العالم بعمق الهوية السعودية وأصالتها.
إنها رحلة وطن لا يتوقف عطاؤه، يقودها قائد حكيم وولي عهد طموح، ويشارك فيها مواطن يفتدي وطنه بالعمل والإخلاص.
رحلة بدأت من الصحراء، لكنها وصلت إلى مصاف الدول المتقدمة، لتؤكد أن المملكة العربية السعودية ستظل بإذن الله وطن العزة، وبلاد الوفاء، وأرض الكرم والإنجاز.