الكاتب : النهار
التاريخ: ٢٢ سبتمبر-٢٠٢٥       7975

بقلم - اللواء الركن متقاعد - حسين محمد معلوي
 اليوم الوطني السعودي الخامس والتسعين يذكرنا بجذور بناء الدولة السعودية الثالثة الراشدة .

في البداية نشير الى ما يعرفه الناس والمؤرخون ، عن الجزيرة العربية بأنها كانت موطنًا لقبائل لغة الحوار بينها السلب والنهب والثأرات و يسيطر عليها الفقر والجهل والجوع والمرض ، ويحكمها ما عرف بقانون القبيلة وقضاتها من بسمون بمقاطع الحق وقضاة البدو لأن زمن ما قبل الملك عبدالعزيز رحمه الله هو زمن اللا دوله ولا يوجد كيان وطني قائم يمثل مرجعية وطنية لتلك القبائل المتناحرة والتجمعات الحضرية المتناثرة حتى جاء يوم  الجمعة الموافق للخامس من شهر شوال عام 1319 هـ المصادف  15 يناير 1902م.

 عندما  استعاد الملك بن عبدالرحمن الفيصل عبدالعزيز رحمه الله السيادة على ملك آبائه وأجداده حكام الدولة السعودية الأولى والثانية بدخوله مدينة الرياض معلنًا انطلاق مرحلة جديدة تأسست فيها الدولة السعودية الثالثة الحالية على أسس قوية من الوحدة الوطنية التي انصهرت فيها تلك القبائل المتصارعة لتشكل في مجمل عدتها وعديدها وثقافتها شعباً تحت راية التوحيد وعلى هدي من كتاب الله وسنة رسوله (ص) ويقودها ذلك الملك المظفر عبدالعزيز طيب الله ثراه .

وبعد سنواتٍ من الجهاد ومعالجات التحدياتٍ الداخلية والخارجية ، صدر المرسوم الملكي في ( 17 جمادى الأولى 1351 هـ، الموافق 23 سبتمبر 1932م ) ، الذي الغى مسميات سلطان نجد وملحقاتها وملك الحجاز واعتمد توحيد البلاد السعودية  تحت اسمها الحالي  “ المملكة العربية السعودية”، فكان يوماً عظيماً اشرقت فيه شمس بلاد الحرمين الشريفين  بالحب والأمل والأمن والأمان والعطاء . 

لقد اختار الملك عبدالعزيز يوم الخميس " الموافق 21 جمادى الأولى من نفس العام الموافق 23 سبتمبر 1932م " يوماً لإعلان قيام المملكة العربية السعوديه ، إلاَّ إن الاحتفال الرسمي باليوم الوطني لم يبدأ إلا في عهد الملك فيصل – رحمه الله – الذي أعلن عام 1965م اعتبار  "23 سبتمبر يوماً وطنياً "، ثم تطور الأمر إلى أن يصبح هذا اليوم عطلةً رسمية للجميع عام " 2005م " بأمر من الملك عبدالله بن عبدالعزيز – رحمه الله لتعزيز شعور الانتماء والولاء للوطن ( دولة وشعباً وأرضاً وحضارة وتراث ).

 إن اليوم الوطني لأي دولة يذكر أفراد المجتمع لهذه الدولة أو تلك بهويتهم الوطنية والحضارية التي تربطهم بجذور الوطن و وحضارته وتاريخه ،منذُ (٩٥ ) عاما وملوك هذه البلاد وأولياء عهودهم وأمراء مناطقهم يحققون المنجزات تلو المنجزات في البنى التحتية والمجالات المتعددة مثل التعليم والصحة وكافة مشاريع التنمية والعمران، إنها  منجزات محفوظة في الذاكرة ولا تنسى اعتمدت على ورؤية تُصْنَع للأجيال القادمة .

خلال خمسة وتسعين عامًا تحوّلت ارض المملكة من موطن للفقر والجهل والمرض وانعدام الأمن الى أرضٍ دولةٍ جامعة آمنة مطمئنه لها مكانتها على الخريطة العالمية في كل المجالات المتعددة ، في التعليم والبحث العلمي ، أصبح لدى المملكة عدد (٤٢ )جامعة اضافة الى معاهد ومؤسسات تعليمية في كل الحقول ذات مستوى ومواصفات عالمية ، وقد انعكس ذلك على ظهور جيل من الشباب المبتكرين والمخترعين والمبدعين في كل المجالات العلمية والذين حازوا على المراتب الأولى في الجوائز العالمية.

أما في البنية التحتية مثل الطرق والمطارات والمدن والمشروعات التنموية العملاقة التي تربط بين المناطق السعوديه وتحفّز التنمية المتوازنة ، فقد قفزت السعودية الى مستويات غير مسبوقة في مجالات البنية التحتية وخدمات المجتمع ، أما في شئون الخدمات الصحية فقد بلغ عدد المستشفيات وفقاً لإحصائية (٢٠٢٤ م ) - (٥٠٠) مستشفى فيها عدد ( ٣٢٦ ) مستشفى حكومي وفي مجالات الشئون الاجتماعية ، والاقتصادية وتنمية القطاع الخاص ، فقد بلغت الإنجازات فيها ذروتها و إنعكست نتائج النجاح في هذه الشئون  الى تحسن كبير في جودة الحياة للمواطنين بدرجة واعدة وكبيرة .

 لقد ارتفعت قدرات الدولة على تقديم الرعاية والخدمات للمواطن والمقيم وأكبر شاهد على ذلك  تفعيل الخدمات الإلكترونية في كل الوزارات وشئون الحياة حتى صارت السعودية دولة تدير كافة الخدمات فيها الكترونياً ، أما في السياسات الخارجية  ، فإن الثابت  أن المملكة ذات وزن ثقيل وفعّال في القضايا السياسية والإقتصادية والإنسانية على المستوى الإقليمي والدولي بما في ذلك القضايا  الإسلامية والعربية وعلى رأسها قضية فلسطين .

 ومن الشواهد على ذلك إن للسعودية دور رائد في مكافحة الإرهاب واستعادة سوريا الى الحضن العربي  لقد قفزت السعودية قفزات كبيرة في شئون السياحة وحماية البيئة وفي زمن قصير .. إن قوة الدفع القوية لكل هذه الإنجازات ، هي رؤية السعودية 2030، التي ترمي إلى تحويل المملكة إلى قوة سياسيه و اقتصاديه و عسكرية وقوة استثمارية و حضارية و ثقافية و تكنولوجية و ريادية في العالم .

تلك الرؤية التي يقودها سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله بمساندة ودعم وتوجيه من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز أطال الله عمره وحفظه ، إن هذه الرؤية هي استمرار لمسيرة البناء والإصلاح والتحديث التي بدأها الزعيم المؤسس ، وطورها أبناؤه من بعده بكل جدّية وإصرار وإخلاص.

إن الاحتفال باليوم الوطني يعني التجذير لقيم عظيمة منها قيم الإسلام ومبادئه  و التضحية و الانتماء و الإخلاص في العمل و والأمانة والإتقان في الأداء ، والإيثار و وكل تلك العناوين وغيرها يجب أن تترجم الى مساهمة في النهضة التي تقود بإذن الله بلاد الحرمين الشريفين إلى تحقيق الأهداف المرجوة .. التي عمل لتحقيقها الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه وأبناؤه الملوك وأولياء عهودهم من بعده رحمهم الله ، ويسعى الملك سلمان وسمو ولي عهده الى ايصال الأهداف النهائيه لتلك المنجزات الى قمة النجاح وعندها تتحقق الغاية الوطنية بإذن الله تعالى .