

بقلم - أحمد بن سعد بن غرم الغامدي
بالتأكيد إن الوطن والهوية تكامل وليس تعارض، فالوطن هو المكان، والهوية هي الإنسان بما يحمل من قيم مثلى وسلوكيات نبيلة وأفكار سامية، والتي بهما ترقى إلى مدارج الكمال.
ليس الوطنُ حَدًّا يُرسم على الخريطة، بل هو نبضٌ يتفرد في الصدور، وعهدٌ يتناقل بين الأجيال، إنه ذلك الحنين الذي يولد معنا، وتلك الهوية التي تنصهر فينا: قيمًا راسخة، وسلوكًا قويمًا، وإرثًا عربيًا إسلاميًا أصيلاً، فالوطن والهوية توأمانِ ينهضان معًا، ليرسمَا بمحبرة المجد سفرَ أمةٍ لا تعرف إلا العلياء.
إن اليوم الوطني ليس مناسبةً تُحتفى ثم تمضي، بل هو محطةٌ يتجدَّد فيها العهد، ويتقوى فيها العزم، وتتوهج فيها الإرادة، إنه وقفةٌ نستلهم منها معنى "الوحدة" التي جمعت شمل هذا الشعب تحت قيادةٍ حكيمة، جعلت من الصحراء نهضة، ومن التشتت كيانًا موحدًا مهاب الجانب.
إنه زادٌ نعبر به نحو غدٍ نبنيه بعرق الجد، ونرفعه بصدق الولاء، وندافع عنه بكل ما أوتينا من قوة.
إنه ــ فوق ذلك كله ــ ميثاقٌ عظيم بين القائد وشعبه، عِرْفَانٌ بالجميل، ووفاءٌ للأصل، ووعدٌ بالمستقبل.
إنه ذكرى تتجدد لتخلد اسم المؤسس؛ الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه، الذي وحّد بمفرده ما استعصى على القرون، وأسس بسيف الحق والعدالة دولةً أصبحت في سنواتٍ قليلة سِفْرًا يُقرأ بعين الإعجاب.
إنه تحية إجلال لأرواح شهداء الواجب، وآبائنا الأوائل الذين نسجوا مجد هذه الأرض بخيوط من عرق وتضحيات جسام ، وزرعوها إيمانًا وحبًا، فأنبتت عزًا وفخرًا.
إنه تقديرٌ عميق لمسيرة ولاة الأمر من أبناء هذا البطل، الذين ورثوا القيادة بحكمة، و أداروا الدولة برشد، حتى أصبح الوطن ــ
إن فرحتنا بهذا اليوم ليست مجرد احتفاءٍ عابر، بل هي فرحةُ مسئوليةٍ تثقل الوجدان، وتستحضر الأمانة، فرحة تدفعنا لأن نكون عند حُب الوطن، لا عند حُسن القول فحسب، بل عند صدق الفعل.
فكيف لا نوفي بلدًا جعله الله قبلة للملايين، وأمنًا للحاجين، وخادمًا للحرمين الشريفين؟! إنها أمانة التاريخ، ومسئولية الأجيال.
فلنكن جميعًا - في هذا اليوم المجيد - على موعد مع أنفسنا: نحدد فيه أهدافنا، نرسم طموحاتنا، ونعيد فيه إحياء القيم التي بُنِي عليها هذا الكيان، فلنجعله يوم عملٍ وفرحة غامرة ، ويوم عطاءٍ لا وبذل، ويوم وفاءٍ لا ذكرى عابرة فقط .
وختامًا.. إنه الوطن الذي يسع الجميع بحبه، ويرتفع بجميع أبنائه إلى عنان السماء، فتبارك الله الذي منّ علينا بهذا الكيان، وألهم قادتنا الرشد، ووحّد صفوفنا على الخير والبناء.
حفظ الله المملكة العربية السعودية أرضًا وشعبًا وقادةً، وبارك في مسيرتها، وأدامها رايةً للإسلام والعروبة خفاقة إلى يوم الدين.

