

بقلم: أحلام عبدالله العتيبي
في كل عام، تطل علينا ذكرى اليوم الوطني للمملكة العربية السعودية، لتعيد إلى الذاكرة قصةً عظيمة وملحمةً خالدة بطلها الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود – طيب الله ثراه.
لم يكن يوم الثالث والعشرين من سبتمبر عام 1932م مجرد إعلانٍ عن توحيد وطنٍ مترامي الأطراف، بل كان إيذانًا ببدء مرحلة تاريخية جديدة لشعبٍ عاش طويلاً بين التشتت والنزاع، ليجد نفسه أخيرًا في ظل راية واحدة وهوية واحدة.
إن المتأمل في سيرة الملك عبدالعزيز يجد أنه لم يكن قائداً عسكريًا فحسب، بل كان رجل فكر وحكمة ورؤية، فقد أدرك أن بناء الدولة يحتاج إلى أكثر من السيف والقوة، بل يتطلب نشر التعليم، وإرساء العدالة، وبناء المؤسسات، وتحقيق الأمن.
لذا، بادر منذ البدايات إلى تأسيس أجهزة الدولة الحديثة، وتشييد المدارس، والاهتمام بالحرمين الشريفين، ليربط حاضر المملكة بتاريخها الإسلامي المجيد.
لقد تميز الملك عبدالعزيز بصفات القيادة التي قلّ أن تجتمع في رجل واحد؛ فقد كان حازماً عند الحاجة، متسامحاً مع خصومه، مستمعًا لشعبه، حريصًا على مصلحة بلاده، وكان يرى أن الوحدة الوطنية هي أساس القوة، فعمل على جمع القبائل والمناطق تحت راية التوحيد، حتى أصبحت المملكة العربية السعودية نموذجًا فريدًا للدولة المستقرة في محيط مضطرب.
إن الإنجازات التي نشهدها اليوم في مختلف المجالات ما هي إلا امتداد لغرس الملك عبدالعزيز. فقد أسس – رحمه الله – قاعدة صلبة انطلقت منها مسيرة التنمية التي واصلها أبناؤه الملوك من بعده، وصولاً إلى عهدنا الحاضر بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمير محمد بن سلمان – حفظهما الله – حيث يشهد الوطن نهضة غير مسبوقة، ورؤية طموحة نحو مستقبل أكثر إشراقًا.
وفي ذكرى اليوم الوطني، نقف جميعًا لنستلهم من سيرة الملك عبدالعزيز دروس العزيمة والإصرار وحب الوطن. فاليوم الوطني ليس مجرد مناسبة للاحتفال، بل هو فرصة للتعبير عن الامتنان للمؤسس الذي بذل الغالي والنفيس من أجل بناء هذا الكيان العظيم، وفرصة أيضًا لتجديد العهد على مواصلة المسيرة، والعمل المخلص من أجل رفعة الوطن وازدهاره.
وهكذا تبقى سيرة الملك عبدالعزيز نبراسًا للأجيال، وتبقى المملكة العربية السعودية – بفضل الله ثم بفضل جهوده – وطنًا شامخًا يزداد قوة وعزة عامًا بعد عام.
معلومات عن الكاتبة: دكتوراه في التاريخ السعودي

