الكاتب : النهار
التاريخ: ٢٠ سبتمبر-٢٠٢٥       27775

بقلم: علي المالكي

هو الذكرى الـ 95 لتأسيس المملكة العربية السعودية، ومعه يتجدد العهد مع الوطن تحت شعار "عزنا بطبعنا"، الذي يلخص جوهر الروح السعودية: عزة متأصلة في التراث الأصيل، وطبع يجمع بين الشجاعة والكرم والطموح، يحتفي بست قيم أساسية تشكل طبع الشعب السعودي: الكرم، الطموح، الشجاعة، الإبداع، الولاء، والابتكار.

اليوم الوطني، الذي يصادف الـ23 من سبتمبر، ليس مجرد احتفال بذكرى اليوم الوطني، بل هو احتفاء بمسيرة شعب بنى دولة من رماله الذهبية، محولًا إياها إلى قوة اقتصادية عالمية وقائدة في الابتكار والرياضة. 

هذا العام، تتجاوز الفعاليات الشوارع المزدحمة بالأعلام الخضراء والعروض الجوية لتصل إلى فضاءات رقمية، تجعل الفخر الوطني متاحًا لكل سعودي حول العالم، مع لمسات من الواقع المعزز التي تعيد إحياء تاريخ التأسيس.

الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه: المؤسس العظيم الذي غرس بذور العزة لشعبه العظيم

ولد في عام 1875 في الرياض، ونشأ في بيئة مليئة بالتحديات القبلية والصحراوية، بدأ رحلته الملحمية في عام 1902 باستعادة الرياض من آل رشيد في معركة أصبحت رمزًا للشجاعة والإصرار، حيث قاد مجموعة صغيرة من المقاتلين لاستعادة عاصمة آبائه. 

على مدى ثلاثة عقود، قاد الملك عبدالعزيز حملات توحيد شبه الجزيرة العربية، متحديًا الصحراء القاسية والتحالفات المعقدة، موحدًا مناطق هذا الوطن العظيم، وبحلول عام 1932 أعلن توحيد المملكة تحت اسم "المملكة العربية السعودية" تحت العلم الأخضر الخصيب والسيف الثابت، رمزًا للتوحيد والإسلام.

لم يكن عبدالعزيز مجرد قائد عسكري؛ كان رجل دولة بنى أسس التعليم والصحة، وأقام علاقات دولية قوية، بما في ذلك معاهدة جدة مع بريطانيا عام 1927. 

وفي حكمه الذي استمر حتى وفاته عام 1953، شهد اكتشاف، في عام 1938، الذي أصبح عماد الاقتصاد السعودي. أنجب الملك عبدالعزيز 45 ابنًا وعددًا من البنات، غرس فيهم قيم العزة والطبع الأصيل، التي تتجلى اليوم في شعار اليوم الوطني وإنجازات المملكة.

أبناء عبدالعزيز: الملوك الذين بنوا على الإرث وأضاءوا الطريق

ورث أبناء الملك عبدالعزيز مسؤولية الحكم، محولين المملكة من دولة ناشئة إلى قوة إقليمية وعالمية، مع الحفاظ على الطبع الأصيل، أولهم الملك سعود بن عبدالعزيز (1953-1964)، الذي ركز على التوسع في التعليم والصحة، مضاعفًا عدد المدارس ومؤسسًا لجامعة الملك سعود عام 1957، مما وضع أساسًا للتنمية البشرية.

تلاه الملك فيصل بن عبدالعزيز (1964-1975)، الذي قاد ثورة اقتصادية خلال طفرة، محولًا الإيرادات إلى مشاريع تنموية مثل بناء الطرق والمستشفيات، ودعم قضايا العالم الإسلامي، بما في ذلك تأسيس منظمة التعاون الإسلامي عام 1969، مما عزز دور المملكة كقائدة إسلامية.

بعده تولى الملك خالد بن عبدالعزيز (1975-1982) الحكم، مركزًا على التنمية الاجتماعية وتعزيز الوحدة الوطنية، مع إطلاق خطط خمسية للتنمية الشاملة، ثم جاء الملك فهد بن عبدالعزيز (1982-2005) الذي أدخل إصلاحات اقتصادية كبرى، بما في ذلك توسيع الحرمين الشريفين وإنشاء مدن صناعية مثل ينبع وجيزان والجبيل، وشهد حكمه مشاركة المملكة في حرب الخليج عام 1991، مما عزز دورها الدولي.

تلاه الملك عبدالله بن عبدالعزيز (2005-2015)، الذي أطلق برنامج الإصلاحات الاجتماعية، بما في ذلك منح المرأة حقوقًا أكبر، وإنشاء مدينة الملك عبدالله الاقتصادية، وبرنامج الابتعاث الخارجي الذي درس من خلاله مئات الآلاف من السعوديين في الخارج، محولًا الشباب إلى قوة دافعة.

تلاه الملك سلمان بن عبدالعزيز أطال الله في عمره (منذ 2015)، الذي أشرف على إطلاق رؤية 2030 عام 2016 على يد ولي العهد الأمير محمد بن سلمان حفظه الله، محولًا المملكة نحو اقتصاد متنوع ومجتمع مفتوح نباهي به العالم.

هؤلاء الملوك، أبناء عبدالعزيز، جسدوا "عزنا بطبعنا" من خلال حكمة تجمع بين الحفاظ على التراث والانفتاح على العالم، مما مهد الطريق لإنجازات عصرية تحت رؤية 2030 التي أطلقها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وبذلك حققت المملكة إنجازات هائلة تجعلها نموذجًا للتحول الاقتصادي والرياضي والثقافي والترفيهي، مع انخفاض الاعتماد على، إلى أقل من 40% من الإيرادات، وزيادة مساهمة القطاع غير، في الناتج المحلي الإجمالي إلى 50%.

مشاريع عملاقة برؤية عصرية

مشاريع عملاقة مثل نيوم، المدينة المستقبلية التي ستعتمد على الطاقة المتجددة بنسبة 100% وتجذب استثمارات بمليارات الدولارات، ومشروع البحر الأحمر الذي يهدف إلى جذب 150 مليون سائح بحلول 2030. في مجال الطاقة، أصبحت السعودية قائدة في الهيدروجين الأخضر، مع مشاريع مثل "نيوم جرين هيدروجين" الذي سيصدر 4 ملايين طن سنويًا.

اجتماعيًا، ارتفع متوسط العمر المتوقع إلى 78.1 عام، متجاوزًا الأهداف، وانخفضت البطالة بين الشباب إلى أقل من 10% بفضل برامج التدريب والتوظيف، كما شهد قطاع السكن تقدمًا كبيرًا، مع بناء ملايين الوحدات السكنية لتحقيق ملكية 70% للمواطنين بحلول 2030.

حضور عالمي ورياضة تفتح الأفق

دوليًا، استضافت المملكة قمم G20 عام 2020، وتستعد لاستضافة معرض إكسبو 2030 في الرياض من أكتوبر 2030 إلى مارس 2031، الذي يُتوقع أن يجذب أكثر من 40 مليون زائر، ويبرز الابتكار والثقافة السعودية كجسر بين الشرق والغرب، مع التركيز على أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة ورؤية 2030.

كما فازت السعودية في ديسمبر 2024 باستضافة كأس العالم لكرة القدم 2034، مما يجعلها الأولى في تاريخ البطولة بـ48 فريقًا في بلد واحد، مع 15 ملعبًا عالمي المستوى في خمس مدن مضيفة، محولة الرياضة إلى أداة للتنمية والسياحة، وتعزيز دور المملكة كمركز رياضي عالمي.

هذه الإنجازات ليست أرقامًا، بل هي تجسيد لعزة الشعب السعودي الذي يحول التحديات إلى فرص مع الحفاظ على الطابع الأصيل.

رسالة عالمية: عزة سعودية تبني الشراكات المستقبلية

من منظور دولي، يُنظر إلى اليوم الوطني كرمز للاستقرار والتقدم في الشرق الأوسط. وشعاره "عزنا بطبعنا" ليس محليًا فحسب؛ إنه دعوة للعالم للانضمام إلى رحلة السعودية نحو مستقبل مستدام، من خلال استضافة إكسبو 2030 وكأس العالم 2034، بالإضافة إلى قمة المناخ 2026، معززة دورها في مكافحة التغير المناخي من خلال مبادرة السعودية الخضراء التي غرست ملايين الأشجار.

اليوم الوطني السعودي الـ 95 هو احتفاء بعزة متأصلة في الطبع الأصيل، وفخر ينبثق من إرث الملك عبدالعزيز وأبنائه، مرورًا بإنجازات رؤية 2030 التي يقودها الأمير محمد بن سلمان حفظه الله، إنه يوم يذكرنا بأن الوطن ليس أرضًا فقط، بل أحلامًا مشتركة نبنيها معًا. 

سعوديًا وعالميًا، نحن نعز الطبع – لأن المستقبل هو عزتنا التي نصنعها اليوم.. دام عزك يا وطن