بقلم: لواء م عبدالله ثابت العرابي الحارثي
حين يُذكر محمد بن سلمان، لا تُذكر وظيفة، ولا يُذكر منصب؛ بل تُذكر يقظةٌ كبرى في تاريخ وطن، تُذكر شجاعةٌ كانت نائمة في جوف الصحراء، فصحَت به.
21 يونيو ليس مجرد تاريخ نُجدد فيه بيعة، بل نافذة نطلّ منها على ملامح التحوّل الأعظم في تاريخ السعودية الحديثة. ففي هذا اليوم، صعدت إلى القرار إرادةُ شابٍ قرر أن يُحدّث السعودية كما يُحدّث مهندسٌ عبقري نظامًا كاملًا، دون أن يُعيد تشغيله، بل وهو يعمل.
كان محمد بن سلمان أول سياسي سعودي يتحدث إلى المستقبل لا من خلال وعود، بل من خلال جدول زمني، ومشروعات قابلة للقياس، ولغة لا تُخاطب الجماهير، بل تُحرّضهم على التغيير. لم يكن يقول “سوف”، بل كان يقول “أنجزنا”، وكان الزمن أقصر من خطواته.
في السياسة، لم يلبس القفاز الأبيض. صافح الشرق والغرب بلغة الندية، وكأنما يقول: “من أراد السعودية، فليخاطبها ككائن ناضج، لا كدولة تبحث عن رضا الآخرين.” ولهذا، بات العالم يسمع من الرياض ما لم يكن يسمعه من قبل: مبادرات، قرارات، صفقات، وقيادة إقليمية لا تُنافس، بل تحسم.
وفي الاقتصاد، أعاد تعريف الثروة، لا كمخزون في باطن الأرض، بل كفاءة في العقول، وطاقة في السواعد، وتنوع في الأدوات. جعل من النفط لاعبًا لا مركزًا، ومن الاستثمار لاعبًا أساسيًا، وفتح بابًا لم يكن يُطرق: أن تكون السعودية منصةً، لا مجرد سوق.
وفي المجتمع، دخل إلى المساحات المسكوت عنها وحرّرها. لم يجرِ وراء مجاملات الأجيال، بل خاض معركة التجديد، لا كترف، بل كضرورة وجود. غيّر شكل الحياة، لكنه لم يمسّ روح الهوية. ولذلك أحبه الشباب لأنه منهم، ووقّره الشيوخ لأنه للأصالة أمين.
وفي التعليم، أدرك أن الشهادة ليست قيمة، بل الأثر. وأن المدرسة ليست بناء، بل تفكير. لذلك بدأ من التأسيس، ومن الشراكات الدولية، ليبني عقلًا سعوديًا يُنافس لا يتبع، يُضيف لا يُكرّر.
أما في الرفاه، فهو أول مسؤول سعودي يفهم أن الفرح حاجة وطنية. فتح الأبواب للفن، والترفيه، والرياضة، لا لملء وقت الفراغ، بل لملء روح الإنسان فرحًا. أعاد صياغة العلاقة بين الدولة والمواطن: دولة تحتضن ولا تقيّد، تُبهج ولا تُلقّن.
في عهده، لم تُصب السعودية بتغيرات فقط، بل أصبحت هي التغيير ذاته.أعاد تعريفها: من دولة ثقيلة الخطو، إلى دولة تقود السباق.
من دولة تُشرح، إلى دولة تُقرأ.من حكاية، إلى عنوان.
إن محمد بن سلمان ليس مشروعًا، بل مبدأ.
وليس إصلاحًا، بل نقلة. وليس فقط أميرًا، بل الشموخ والعزم والإرادة والهمة التي غيّرت النص السعودي كله.
في ذكرى بيعته.. لا نقول “نجدد الولاء” فقط، بل نقول: ما زلنا نكتب معك، صفحة الوطن الجديد.
عن الكاتب:
- لواء م عبدالله ثابت العرابي الحارثي
- مستشار وكاتب رأي