الكاتب : عبدالله الكناني
التاريخ: ٢٦ مارس-٢٠٢٥       22495

كتب: عبدالله الكناني

في ليلة من ليالي العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك، تحل علينا ذكرى البيعة الثامنة لسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الرجل الذي أعاد رسم ملامح المملكة وأطلق نهضة غير مسبوقة على المستويين المحلي والدولي. 

منذ توليه ولاية العهد في 21 يونيو 2017، شهدت السعودية تحولات جذرية، جعلتها من أسرع الدول نموًا في العالم، وأثبتت قدرتها على تحقيق رؤيتها الطموحة في زمن قياسي.

لقد كانت رؤية السعودية 2030 نقطة التحول الكبرى التي وضعت المملكة على مسار جديد، يتجاوز الاعتماد التقليدي على النفط نحو اقتصاد متنوع ومستدام. 

فاليوم، باتت القطاعات غير النفطية تساهم بشكل متزايد في الناتج المحلي الإجمالي، حيث ارتفعت الإيرادات غير النفطية إلى أكثر من 457 مليار ريال، بعد أن كانت 166 مليارًا فقط قبل إطلاق الرؤية. 

كما شهد قطاع الاستثمار قفزة نوعية، مع استقطاب مشاريع عالمية ضخمة، جعلت السعودية وجهة رئيسية لرؤوس الأموال الأجنبية. ولا تقف الطموحات عند هذا الحد، إذ تُعد المملكة لـ “رؤية 2040” كمَرحلة تالية لتعزيز الإنجازات، وترسيخ مكانتها كقوة اقتصادية مستدامة، مع التركيز على الابتكار والريادة العالمية.

على صعيد البنية التحتية، تحولت المملكة إلى ورشة عمل مفتوحة، حيث أُطلقت مشاريع كبرى مثل “نيوم”، و**“البحر الأحمر”، و“القدية”**، التي لم تقتصر على تعزيز السياحة، بل ساهمت في خلق فرص عمل وتنويع مصادر الدخل. كما شهد قطاع الإسكان تطورًا لافتًا، أدى إلى رفع نسبة تملك المواطنين لمساكنهم وتحسين جودة الحياة، وهو ما يعكس الاهتمام المتزايد بتحقيق الرفاه الاجتماعي.

في موازاة ذلك، حظيت الأماكن المقدسة في مكة المكرمة والمدينة المنورة بعناية استثنائية، عبر توسعة الحرمين الشريفين، وتطوير البنى التحتية الذكية، وتعزيز خدمات الحجاج والمعتمرين، بما يتوافق مع رؤية توفير تجربة روحية عصرية ومستدامة. 

وقد ارتفع عدد المعتمرين والحجاج بشكل غير مسبوق، مع تقديم تسهيلات تقنية وتنظيمية جعلت تجربة الحج والعمرة أكثر يسرًا وراحة لضيوف الرحمن.

أما على مستوى التنمية البشرية، فقد كان تمكين الشباب والمرأة من أولويات ولي العهد، إذ ارتفعت نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل من 17% إلى أكثر من 37%، وشهدت المملكة طفرة في برامج التدريب والتأهيل، التي أعدت جيلًا جديدًا من الكفاءات الوطنية القادرة على قيادة المستقبل. 

كما أن التحولات في القطاع الصحي، وإطلاق برنامج تحول القطاع الصحي، عززا جودة الخدمات الطبية وساهما في رفع مستوى الرعاية الصحية في المملكة.

في قطاع السياحة والترفيه والثقافة، شهدت المملكة قفزة نوعية، حيث تم إطلاق هيئة الترفيه، وتنظيم مواسم سياحية ضخمة مثل “موسم الرياض” و**“موسم جدة”**، واستضافة الفعاليات العالمية، ما عزز مكانة المملكة كوجهة سياحية عالمية،كما شهد قطاع الثقافة نهضة غير مسبوقة، مع تسجيل مواقع سعودية في قائمة اليونسكو للتراث العالمي، وإحياء الفنون التقليدية، وتطوير مشاريع مثل “بوابة الدرعية”، التي تعكس العمق التاريخي والثقافي للمملكة.

أما في مجال الرياضة، فقد أصبحت المملكة محطة رئيسية لأكبر الفعاليات الرياضية، حيث استضافت بطولات عالمية مثل “فورمولا 1”، و**“كأس السوبر الإسباني والإيطالي”**، واحتضنت نزالات كبرى في الملاكمة والمصارعة، إلى جانب تأهل المنتخب السعودي لكأس العالم وإقامة دوري قوي جذب نجوم الكرة العالمية. 

وتستعد المملكة اليوم لتنظيم كأس العالم 2034، في خطوة تعكس قدراتها اللوجستية والتنظيمية الفائقة، وترسخ مكانتها كوجهة رياضية عالمية.

دوليًا، عززت المملكة مكانتها كقوة سياسية واقتصادية لا يمكن تجاهلها. فقد تبوأت مراكز متقدمة في المؤشرات العالمية، وأصبحت ضمن قائمة الدول الأكثر تنافسية واستثمارًا في التكنولوجيا والطاقة المتجددة. كما استضافت فعاليات عالمية ضخمة، أبرزها قمة العشرين، ما عزز مكانتها كدولة محورية في النظام الاقتصادي الدولي. 

ولم تكتفِ السعودية بدورها الاقتصادي، بل برزت كوسيط دولي فاعل في حل النزاعات، مثل جهودها في التقريب بين الولايات المتحدة وروسيا في قضايا الطاقة والأمن، ودورها في إبرام اتفاقيات لتحقيق الاستقرار الإقليمي والعالمي، إلى جانب ذلك، كانت مبادرات سمو ولي العهد في تعزيز التسامح ومكافحة التطرف، سببًا في تغيير الصورة النمطية عن المملكة، وجعلها نموذجًا للحداثة والانفتاح المدروس.

وتستعد المملكة اليوم لاستضافة إكسبو 2030 في الرياض، الذي يُتوقع أن يكون محطة عالمية لعرض الابتكارات وتعزيز التعاون الدولي، فيما تُعدُّ بتنظيم كأس العالم 2034، الذي سيعكس قدراتها التنظيمية الفائقة، ويُبرز تراثها الثقافي الغني. هذه المشاريع العملاقة ليست مجرد أحداث رياضية أو ثقافية، بل محركات للنمو الاقتصادي، وجسورًا للتواصل الحضاري.

ثماني سنوات من العمل الدؤوب لسمو ولي العهد تحت توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود- يحفظهما الله-، جعلت المملكة قصة نجاح عالمية، ومثالًا لدولة تسير بثقة نحو المستقب،ومع استمرار المسيرة، تتجه الأنظار إلى ما هو قادم، حيث يواصل سمو ولي العهد قيادة التحول، مستندًا إلى رؤية واضحة وطموح لا حدود له. 

في هذه الذكرى العزيزة، يجدد الشعب السعودي ولاءه وثقته في قيادته، ويترقب مزيدًا من الإنجازات التي ستجعل السعودية من بين أقوى اقتصادات العالم وأكثرها تقدمًا.