الكاتب : النهار
التاريخ: ٠٣:٢٠ م-١٧ ديسمبر-٢٠٢٤       60940

بقلم -ياسر جزاء العيساوي

يتمتع مصطلح "اسأل قوقل" أو "اسأل الذكاء الاصطناعي" بشهرة واسعة في مجتمعاتنا الحديثة، وعلى وجه الخصوص بين الأطفال والمراهقين. في ظل الوصول الفوري والمباشر للمعلومات عبر الإنترنت، تحولت عادة البحث والاستقصاء إلى عملية ميكانيكية يفتقر الكثير منها إلى التفكير النقدي والتأمل، مما أدى إلى ما يعرف بـ "تعفن الدماغ".

حسب ما ورد في معجم أوكسفورد، يشير مصطلح "تعفن الدماغ" إلى "تدهور الحالة العقلية أو الفكرية للشخص نتيجة للإفراط في استهلاك وتصفح مواد تافهة أو غير صعبة عبر الإنترنت". هذا التعريف يضع يده على مشكلة منتشرة، وهي الاتكالية والتسرع في الحصول على معرفة سطحية.

في عالم يشهد تسارعاً مطرداً في كافة تفاصيل حياتنا اليومية، من التطور في الحركة المرورية إلى الطرق الحديثة للحصول على المعلومة.

يتعمق خطر هذا التسارع التأثير على الطلاب والناشئة. لم يعد الطالب يطيق الدراسة لمدة 45 دقيقة، أو قراءة مقال طويل. حتى في جانب الترفيه، نجد أن مشاهدة فيلم مدته ساعة قد تبدو مرهقة للكثيرين.

هذا التسارع أدى إلى خلق ثقافة الاتكالية والضيق من الجهد الفكري. بدلاً من البحث عن المعرفة بعمق وفهمها، أصبح الاعتماد على إجابات سريعة وسطحية من الإنترنت هو الخيار السائد. هذا السلوك لا يقتل فقط روح الاستكشاف والإبداع، بل يؤدي أيضاً إلى تدهور القدرات العقلية والفكرية.

لمعالجة هذه الظاهرة، يجب أن نعمل على تعزيز التفكير النقدي بين الشباب، وتشجيعهم على البحث بطرق أكثر عمقاً واستقلالية. يمكن تحقيق ذلك من خلال التركيز على التعليم التفاعلي الذي يشجع على التحليل والمناقشة، بدلاً من الحفظ والتلقين. كما ينبغي للأهل والمعلمين لعب دور رئيسي في توجيه الأطفال نحو استخدام الإنترنت بطريقة بناءة تسهم في تنمية مهاراتهم الفكرية بدلاً من إضعافها.

في النهاية، "اسأل قوقل" قد يكون أداة مفيدة إذا ما استخدمت بحكمة. لكن الاعتماد الكامل عليها دون تمييز قد يكون بداية الطريق إلى تعفن الدماغ وفقدان القدرة على التفكير النقدي والإبداعي.